مساهمات القراء

أيقونة الحب الإلهي

أيقونة الحب الإلهي

الزَّواجُ وتأسيسُ العائلة بات من أصعبِ المواضيع الحياتيَّة في مجتمعنا اليوم، وأهمِّها في الوقت عينه. وربما نفتقر في مجتمعنا إلى المعنى المسيحي الأصحِّ والأهمِّ لمفهوم “سرِّ الزَّواج”. فالزواج في الكنيسة رابطةٌ تُبنى على الله بشكلٍ أساسي، ماذا نعني بذلك؟

الزَّواجُ وتأسيسُ العائلة بات من أصعبِ المواضيع الحياتيَّة في مجتمعنا اليوم، وأهمِّها في الوقت عينه. وربما نفتقر في مجتمعنا إلى المعنى المسيحي الأصحِّ والأهمِّ لمفهوم “سرِّ الزَّواج”. فالزواج في الكنيسة رابطةٌ تُبنى على الله بشكلٍ أساسي، ماذا نعني بذلك؟

“يترك الرَّجل أباه وأمه ويلازم امرأته فيصيران كلاهما جسداً واحداً” تك24:2.والجسد الواحد يمثِّل كياناً واحداً. هذا الاتحاد ليس مجرَّد عواطف، بل هو اتحادٌ في الجسد والفكر والروح. هو اتحادٌ على صورة اتحاد أقانيم الثالوث الأقدس؛ فكما أن الأقانيم الإلهية متحدةٌ ومتمايزة في آنٍ معاً، هكذا المرأة مع رجلها.

ومن جهةٍ أخرى، الزواج المسيحي “سرٌّ عظيمٌ” كما يصفه الرسول بولس في رسالته إلى أهل أفسس. هذا الرابط يصوِّر العلاقة بين المسيح والكنيسة، فهو إذًا أيقونةٌ للحب الإلهي. أي أنه دعوةٌ للرجل والمرأة لأن يسيرا معاً على درب الصليب الذي سلكه المسيح فداءً للكنيسة. ولذا هو دربٌ صعب. وبالرغم من صعوبته إلا أنه يقطر حلاوةً، لأنه يصل بالزوجين إلى بهاء القيامة المجيدة، فلا قيامة دون الآلام والصليب.

نجاح الحياة الزوجية يعتمد على كيفية عيش هذا “الحب” بين الزوجين ومع الله والأخوة، وطبعاً ينعكس على الأبناء وتربيتهم. هذا الحب يحتاج إلى تدريبٍ وجهاد، والحياة الزوجية هي مضمارٌ للتدرُّب على عيشه. في الزواج يتعاون الرجل مع امرأته على اتخاذ القرارات بالرضى والتفاهم. كل طرفٍ يقدِّم من ذاته، من كيانه، من أجل إنجاح هذه المسيرة لبلوغ القداسة.

هذا هو المعنى الحقيقي للبذْل؛ أن يكون الرجلُ رأسَ زوجته بالمحبة، وأن تطيع المرأةُ رجلَها بالمحبة. الموضوع كلُّه متوقفٌ على الطريقة التي نفهم بها ذاتنا والآخر. فالشريك يعلم من داخله أنه يريد الخير لشريكه كما يريد الخير لنفسه، ويوقن بأن شريكه يفكر بالمثْل. بهذا يعيش الزوجان حياةً نقيةً لا يشوبها سوء النية. هكذا يصل الزوجان معاً إلى الهدف الأسمى الذي وضعه الله لنا؛ إلى الخلاص.

م. أيمن خاتون

عن الكاتب

جريدة حمص

جريدة حمص أول صحيفة صدرت في مدينة حمص – سوريا عام /1909/ عن مطرانية الروم الأرثوذكس لتكون لسان حال المدينة.

اترك تعليقاً