كُتبت هذه الرسالة بعد اعتماد قانون عدم تجريم الإجهاض من قبل الحكومة القبرصية، وهي موجّهة من سيادة المطران أثناسيوس متروبوليت ليماسول إلى الضمير الإنساني والمسيحي، وإلى كل أمٍ ربما فكرت في الإجهاض لسبب ما، وتسبّبت في قتل إنسانٍ وضعه الله الصالح في بطنها وبين يديها.
أختي الحبيبة:
إذا كنتِ حاملاً، قبل كل شيء لا تخافي أو تجزعي، ولا تدعي المشاعر السيئة تسود عليكِ، ولا تسمحي لها بالتغلب على الفرح الذي لا يوصف. ستصبحين أمًا لشخص جديد في هذا العالم، لصورة جديدة لله، لمخلوق بريء ومسالم يحلّ مؤقتًا في داخلكِ.
لا تدعي أفكار الشك تتغلبُ عليكِ بشأن احتواء هذا الكائن البريء بداخلكِ، وماذا ستفعلين بهذا الطفل، وكيف ستربينه، وما هو الدرب الذي ستسلكين في هذه الحياة مع وجود هذا الطفل.
أفهم جيدًا أن ظروف الحمل نفسها من الممكن أن تكون حدثًا مؤلمًا للمرأة، وأنها لا تريد تذكّرها، ولكن دعونا نفصل طريقة حدوث الحمل عن موضوع خلق شخص جديد.
سلّحي نفسكِ بكامل قوة حبكِ الأموميّ الذي لا يقهر، وفكّري في النعمة العظيمة التي أعطاها الله للمرأة – وهي أن تكون أمّاً. تحلَّي بالثبات الآن كثبات الصخر، ولا تدعي أحدًا يلمّح إلى إمكانية إجهاض طفلكِ الذي ينمو في رحمكِ يومًا بعد يوم، ولا تسمحي لنفسكِ أبدًا بالانتقال من الأمومة إلى القتل، ستصبحين مذنبةً إن قتلتِ طفلكِ، سيُسلب وإلى الأبد فرصةَ قبول سر المعمودية وبالتالي من أن يصبح مسيحيًا.
أفهم طبعاً أن وجود شخص جديد في حياتكِ ملاصقاً لكِ على الدوام سيغيّرها إلى حد بعيد، لكن قتل طفلكِ بيدَيك مع جميع العواقب المأساوية التي ستؤثر على حياتك بأكملها، لا يمكن مقارنتها مع مخاوفكِ حول تغيير حياتكِ وكيفية تربية هذا الطفل. إن هذه الصعوبات مؤقتة فقط ويمكن التحكم فيها وتجاوزها بشكل جيد مقارنةً بالإجهاض الذي يعتبر خطيئة أبديّة من الصعب مواجهتها.
لا تصدّقي أولئك الذين نشروا وجهة النظر الكاذبة اليوم بأن الجنين هو مجرد جزء من جسدك لذا يمكنكِ القيام بما تريدين به. يتعارض العلم الحديث مع كلام الله بشكل قاطع في هذا الشأن.
الجنين هو شخص جديد في طور النمو، مستقلٌ في المستقبل، يتمتع بهبة عظيمة من الإرادة الحرة، يقيم مؤقتًا في جسد أمه كزائر، لكن هذا الزائر الصغير يحتاج بالتأكيد إلى حبكِ ورعايتكِ في السنوات الأولى من حياته.
الجنين له كيانٌ مستقل بذاته، له روحٌ وجسدٌ كاملَين منذ اللحظة الأولى من الحمل، تماماً مثلما أصبح ربنا يسوع المسيح إنساناً تاماً منذ لحظة الحبل به في رحم أمّه الكلية النقاوة، صائراً إلهًا تاماً وإنساناً تاماً، متجسداً من أجل خلاصنا.
تؤكد العديد من الدراسات الطبية الحديثة أن الجنين يبدأ في العيش والنمو بشكلٍ مستقل داخل رحم أمّه في أقصر فترة ممكنة، وأن الإجهاض هو موتٌ طبيعي بدون شك، ويحدث دون موافقة الضحية المسالمة والبريئة.
أفهم جيداً أنكِ قد تكونين منفعلةً بشكل كبير وأنكِ تتعرضين للضغوط من قبل عائلتك وبيئتك وظروفك و”المستشارين الجيدين” والأطباء، ولكن انتبهي جيداً إلى حقيقة أن ما يقترحونه وينصحون به سيكون أكبر خطيئة في حياتكِ. فكّري في حقيقة أن هذا القرار سيكون خطأ فادحًا ومميتًا سيؤثر على وجودك إلى الأبد.
هلمّي إلى الكنيسة. اجري وأسرعي. هناك، من خلال المحبة الكبيرة في المسيح، ستجدين من يستمع إليكِ ويتحدّث معكِ ولا يرفضكِ وسيساعدكِ في التغلب على مخاوفكِ وهمومك. أنا على يقينٍ أن هناك من سينحنون باهتمامٍ أبوي إلى مشكلتكِ، وسيقبلونك، سينحنون إلى أمٍ مستقبَلية تجد نفسها أمام عقبة بسيطة مع مخاوف عظيمة، مع مراعاة جميع خصوصيات ظروفكِ. آمني بمحبة المسيح الأبوية القوية واعلمي أن العناية الإلهية تضبط كل الخليقة.
كوني مطمئنّةً أنكِ إذا احتفظتِ بطفلكِ، وقدّمتِ التضحيات، وتجاوزتي المصاعب والمخاوف، فإن المسيح الطيّب سيباركك وسيرافقكِ في جميع خطوات حياتك وسيكون الحامي والمدافع عنكِ. إن كان الله معنا فمن هو علينا؟
عزيزتي، أتمنى لك التوفيق والنجاح في أمومتك المستقبلية.
المصدر: موقع Orthodox Christian
ترجمة: كمال كدر
اترك تعليقاً