يبحث الجمهور بشكل مستمر عن تأثير الظروف المختلفة على المنافسة في عالم كرة القدم، ويرى الغالبية أن التوقف الذي حدث بسبب فيروس كورونا أثر كثيراً على حسابات التتويج في مختلف البطولات، وهي رؤية منطقية ناتجة عن عدة أسباب، حيث استعادت أندية كثيرة نجومها بعد التوقف، وتمكنت من خوض الفترات الحاسمة من الموسم بتشكيلة أفضل.
رغم عودة المصابين شاهدنا فِرقاً كثيرة تنهار بعد الكورونا وتفشل في تقديم المستوى المأمول، وقد يكون لاتسيو الإيطالي في مقدمة هذه الفرق فبعد تقديمه لفترة ممتازة قبل التوقف تحول الفريق لشبح في الجولات الأخيرة، وحصد نقطة وحيدة من 4 مباريات، ويمكن اعتبار برشلونة أحد أكبر المتضررين أيضاً حيث أضاع الفريق تقدمه بالصدارة بفارق نقطتين، وخسر الدوري بفارق 7 نقاط.
فترة كورونا وضعت جميع الأندية في موقف صعب، وفرضت على اللاعبين والمدربين والإداريين فترة صعبة، ومن تعامل معها بذكاء كان الأكثر جاهزية بالنهاية لذا نجد فِرقاً مثل ريال مدريد وبايرن ميونيخ لم تفقد أي نقطة بعد التوقف، في الوقت الذي حقق فيه مانشستر يونايتد نتائج ممتازة رافقها أداء رائع، ليصبح مصير الفريق بيده من أجل التأهل لدوري الأبطال بعد معاناته من فترة صعبة خلال الذهاب.
بدا فيروس كورونا كأنه فرصة لإعادة جميع الفرق إلى الصفر وإعطائها فرصة للعمل بشكل صحيح للتطور، وعلى عكس التوقعات لم تعتمد الفرق الكبيرة على المداورة لمواجهة ضغط المباريات، ولنا بمانشستر يونايتد مثالاً واضحاً، حيث أشرك سولشاير نفس التشكيلة خمس جولات متتالية حقق فيها 13 نقطة من أصل 15 ممكنة قبل أن يجري تغييرين فقط، واحد منهما بسبب إصابة شاو، قبل أن يحقق 3 نقاط إضافية أمام كريستال.
اعتمد ريال مدريد على شيء مشابه تقريباً مع تكرار عدة أسماء مهمة بالمباريات الأخيرة، فرغم وصوله لسن 34 عاماً لعب لوكا مودريتش 5 مباريات أساسياً خلال 14 يوماً علماً أنه أكمل منها مباراتين فقط، وتم استبداله 3 مرات وهذا قد يعطينا صورة أيضاً عن مدى قدرة الأندية على الاستفادة من قرار تغيير 5 لاعبين.
بالمقابل ظهر التعب على لاعبي لاتسيو مثلاً بمباريات كثيرة وخلال لقاء أودينيزي، الذي انتهى على التعادل السلبي، سقط العديد من لاعبي الفريق على أرض الملعب بسبب الإرهاق خلال الشوط الأول بصورة أوضحت عدم قدرة الفريق على تحمل ضغط المباريات، وهذا يُظهر قيمة عامل إضافي يتعلق بنوعية اللاعبين الموجودين، فالحماس والطموح كانت أشياء مفيدة في السابق خاصة بالنسبة للفرق التي تضع تأثيرها على بطولة واحدة تُلعب فيها مباراة كل أسبوع، لكن مع زيادة ضغط المباريات بات الفريق بحاجة لعوامل كثيرة، منها القدرة البدنية والفردية للاعبين، وهو ما سمح للكبار بتحقيق ثبات أكبر بعد التوقف.
بنظرة سريعة نرى أن الأندية التي نجحت بالتعامل مع فيروس كورونا هي الأندية الأكثر استقراراً من الناحية الاقتصادية والإدارية في العالم، حيث يمثل مانشستر يونايتد أحد أكثر الأندية نجاحاً في التعامل مع فترة انتشار الكورونا، فلم يقم بتخفيض رواتب لاعبيه ولا طاقمه بصورة عكست استقرار النادي مادياً، وذات الاستقرار حققه ريال مدريد، في الوقت الذي بدت فيه الأجواء مستقرة داخل بايرن خاصة بعد إبداء إدارة النادي تفهمها لانزعاج اللاعبين من فكرة دفع مبالغ كبيرة في سوق الانتقالات بعد تخفيض رواتبهم، لكن بالمقابل بدا ما يحدث في برشلونة انعكاساً منطقياً للخلاف القائم داخل الإدارة والذي تسرب للاعبين خاصة بعد استقالة 6 من إدارة النادي، وتوتر الأجواء بين المدير الرياضي إريك أبيدال وقائد الفريق ليونيل ميسي.
باختصار يمكننا القول أن فيروس كورونا جعل كرة القدم أكثر عدالة، حيث حقق عودة لكثير من المصابين، ونجاح لمن يتقن العمل وخلق الاستقرار، أما من لا يمكنه تحقيق هذه العوامل فعليه انتظار مواسم أخرى عله يتمكن من تحسين ظروفه، أو انتظار تعثر من هم أكثر استقراراً.
اترك تعليقاً