واجهت الحياة الأسَرية كلّ أنواع الضغوط والتحديات على مرّ العصور، وتأتي المخاطر من تزايد التوقّعات الاقتصادية والاجتماعية، العلاقات المنهدمة، ضغط الوقت، تأثير الإعلام، الثقافة التي تدفع الأطفال للنمو سريعاً، العنف والمخدرات، ناهيك عن حقيقة أن العديد من الآباء والأمهات يواجهون تحدّيات وضغوطات معيشية ومالية.
ومن أهمّ هذه التحدّيات (وسائل التواصل والإنترنت).
وبالنسبة لكثير من الأولاد أصبح التلفاز والإنترنت بديلين عن الأبوين ويقدّمان نموذجاً مغرياً لهم حتى وإن كان فقيراً، وأصبح الأولاد يفتقدون الأجهزة الإلكترونية أكثر ممّا يفتقدون آباءهم، ويتأثرون به بشكل كبير وملحوظ.
كما أن دخول وسائل التواصل في حياة الناس صنع فجوة بين الآباء والأبناء وأضعف تأثير المربين على الأولاد، وصار الموبايل والكمبيوتر ينافسان البيت في التربية. فالعالم ينكشف أمام الطفل بضغطة زرّ، إما بوجهه الجميل في عالم الفلك والحيوان ودنيا الخيال والاختراعات، والأفلام البناءة التي تنمي عقله وإبداعاته، أو بوجهه القبيح الخالي من القيم والمبادئ والأخلاق والقيم الروحية والإنسانية.
فالإنترنت ليس شرّاً خالصاً فهو وسيلة جيّدة تنمّي مهارات الولد وتقدّم له معلومات واسعة بالإضافة لما بها من متعة وإحساس البهجة والسعادة. لكن تكمن المشكلة في سوء استخدامه، ونحن دون أن ندري نلقي بأولادنا أمام هذا العالم الساحر غير مبالين بما يقدّمه لهم، فيتعوّد عليه الطفل ويصبح لديه إدمان على استخدامه عندما يكبر.
ومهما تحدثنا عن مشكلة الإدمان الإلكتروني عند الأولاد، نجد أنّ المشكلة تبدأ في البيت عندما نستعمل نحن الكبار الأجهزة الإلكترونية بشكل كبير، نجلس ونرسل رسائل أو نتصفح الفيس على المقعد بجانب الطفل بينما نتركه يلعب لوحده، فنحن نخبره بطريقة غير مباشرة أنّه يوجد من هو أهمّ منك، فلنضع هواتفنا الذكية جانباً ولننسجم مع هذه العجائب الحية التي تنتظرنا لنلعب معها ونستمع لها ونحكي لها قصة. فالابتعاد المؤقت عن التكنولوجيا التي تتحكم في حياتنا هو أمر صحيّ لجميعنا.
لارا حداد