صحة

الوشم …. تجميل محفوف بالمخاطر

الوشم .... تجميل محفوف بالمخاطر

الوشم على الجسد هو الحصول على رسومات مختلفة الأشكال والألوان أو كتابات ورموز لا تمحى عن الجلد.

اقتصرت ظاهرة الوشم فيما مضى على فئات معينة من الشعوب والمجتمعات، وحملت معنى ثقافيا، أو للدلالة على مكانة اجتماعية تحلى بها بعض الأشخاص في ذلك الوقت، وشاعت آنذاك أيضا كإشارة لطقوس معينة وتعبيرا عن الجمال.

كانت هذه الرسوم قبل آلاف السنين ترسم بواسطة الرماد والفحم وبعض الصبغات النباتية الطبيعية، وكان بإمكان أشخاص احترفوا الرسم أن يقوموا بصنع جروح دقيقة في الجلد بواسطة بعض الآلات الحادة والأبر وذر هذه المواد الملونة في الجلد، فيبقى أثرها ثابتا.

وبالرغم من تحريم الوشم دينيا واجتماعيا في وقتنا الحاضر، يشهد الوشم رواجاً كبيراً في أوساط الشباب والشابات لأسباب متنوعة: إما كمكياج دائم، أو تخليداً لذكرى معينة، وتعبيراً عن الحب، أو لإظهار فرادة الشخص وتميزه وانتمائه لمجموعات معينة.

وللأسف بعض الطرق البدائية للوشم مازالت تتم في وقتنا الحاضر بواسطة أشخاص غير مؤهلين، وفي ظروف لا تؤمن أدنى معايير العقامة والنظافة مما يرفع خطر العدوى والإصابة بالأمراض.

هل تساءل أحد الراغبين في الرسم على أجسادهم، علام يحتوي الوشم؟

أفادت الأبحاث المنشورة في الوقت الحالي أن بعض الأحبار تحتوي على أصباغ تستخدم في حبر الطابعة أو في طلاء السيارات. ولم توافق إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA على أي نوع من هذه الأصباغ للحقن في الجلد لأغراض تجميلية.

ويتطلب الحصول على الوشم الدائم ثقب الجلد والوصول إلى سوائل الجسم والدم كما رأينا سابقا، ويتم ذلك حاليا باستخدام آلة كهربائية تحرك الإبرة صعودا ونزولا لحقن الصباغ في الجلد فتخترق هذه الإبرة البشرة لتترسب قطرات الصباغ في الأدمة التي تعد أكثر ثباتا من طبقة البشرة فهي غير متجددة، لذلك يبقى الصباغ محفوظا فيها مدى الحياة. ولأن هذه الألوان تفقد رونقها مع مرور الزمن فلا بد من تكرار هذه العملية مرات عدة.

الأسباب الكامنة وراء إلحاق الوشم الأذى بالجسم:

الحبر الحديث يتكون من صبغة معلقة في سائل، وهنا تكمن المشكلة فقد يحتوي هذا السائل على بكتريا ممرضة أو أنها لم تكن مصنعة للوشم أساسا، وقد تحتوي على بعض الأنسجة والشوائب والمعادن الثقيلة والمواد الحافظة، ومن أخطر المشكلات وجود مادة مسرطنة. وبعض الرسامين يقومون بتخفيف الصبغات بماء غير معقم.

وأيضا من أهم أسباب الإصابة بالعدوى والأمراض الخطيرة عدم تعقيم الأجهزة والأدوات المستخدمة في عملية الوشم. 

أضرار الوشم وتأثيره على الصحة:

•   حدوث الندوب والحفر، وتغير في لون الجلد.

•   حساسية الجلد (حكة، احمرار، ظهور حبوب صغيرة…)  من الممكن أن تظهر بعد الوشم بسنوات.

•   حساسية ضوئية.

•   كدمات زرقاء وتورم.

•   التهابات شديدة وحمى تستدعي استخدام الصادات الحيوية والدخول إلى المستشفى أحيانا.

•   الشعور بالحرق والتورم في موضع الوشم عند القيام بالتصوير بالرنين المغناطيسي.

•   الإصابة بالسرطانات نتيجة هجرة بعض الجزيئات الدقيقة المسرطنة من الجلد إلى العقد اللمفاوية.

•   الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة ونذكر منها (التهاب الكبد الوبائي، الإيدز، الزهري…) حيث تنتقل عن طريق الأبر والأدوات الملوثة.

•   من أجل هذه الأسباب السابقة وغيرها، يفضل ابتعاد الحوامل وذوي المناعة الضعيفة عن رسم الوشوم على أجسادهم.

هل الوشم المؤقت آمن؟

يلجأ كثيرون إلى الوشم المؤقت والذي يدوم من ثلاثة أيام إلى عدة أسابيع اعتمادا على نوعية المنتج المستخدم للتلوين وحالة الجلد، إلا أنه ليس خاليا من المخاطر.

يتم تسويق الوشم المؤقت على أنه حناء يتم وضعها على سطح الجلد، والمعروف أن الحناء تترك أثرا بنيا محمرا وهي مصنوعة من نبات مزهر، ولكن ما يعرف بالحناء السوداء هي غالبا مزيج من الحناء التقليدية مع مكونات أخرى قد تكون صبغة الشعر، وهذا المكون الإضافي يسبب تفاعلات جلدية خطيرة واحمرارا وبثورا وفقدان التصبغ وزيادة الحساسية الجلدية لأشعة الشمس.

هل يطلب البعض إزالة الوشم؟ ما السبب وراء ذلك؟

نعم، يندم الكثيرون بعد الحصول على الوشوم ويرغبون بإزالتها، فالوشم يتغير مع تغير الموضة وكذلك اللون ومن الممكن أن يصبح الوشم غير ملائم لشكل الجسم لأن الجلد معرض للترهل وتغير شكله، وأحيانا الوشم ذاته وألوانه لا تكون في نهاية العملية على مستوى رغبة وتصور الشخص، فقد تظهر بعض الظلال في محيط الوشم فيعطيه مظهرا سيئا. 

كيف تتم عملية إزالة الوشم؟ هل هي بهذه السهولة؟

إن عملية إزالة الوشم أصعب من نقشه، فتجري هذه العملية بتكسير الأصبغة بواسطة التعرض لأشعة الليزر، حيث تخترق موجات الليزر عالية الكثافة البشرة ليحدث امتصاصها بصورة انتقائية من أصبغة الوشم، فيؤدي ذلك إلى تفتيت الصباغ إلى جزيئات صغيرة ليستقبلها الجسم أو يطرحها أو ينقلها ليخزنها في العقد اللمفاوية والأنسجة الأخرى.

ووفقا للأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية، فإن عملية إزالة الوشم تتطلب عادة من 6 إلى 10 جلسات، ويتطلب ترك بضعة أسابيع بين الجلسات للشفاء.

من الصعب في كثير من الأحيان إزالة الوشم نهائيا من دون ترك ندوب وبعض الآثار كالاحمرار والنزوف الجلدية الموضعية.

وأيضا هناك طريقة أخرى لإزالة الوشم وهي: (تسحيج الجلد) إذ تزال الطبقة السطحية من الجلد وتستأصل منطقة الوشم بالكامل ثم يخاط الجلد في مكان الوشم مرة أخرى.

وقد نجد في بعض الأسواق أو الإنترنت مراهم تسوق على أنها تزيل الوشم لكن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA لم توافق على أي منها.

علينا أن نعلم أيضا أنه كلما كانت ألوان الوشم براقة وزاهية كانت أشد ضررا بسب المواد المضافة، وزادت صعوبة إزالتها.

من أخطر القرارات التي من الممكن أن يتخذها الشخص بحق نفسه هي التوجه إلى المراكز والفنانين غير المرخصين.

وعلينا التفكير جيدا بكل الأخطار المعلومة والمجهولة التي تحيط بالوشم ونتائجه وإزالته والأحبار المستخدمة، قبل الإقدام على هذه العملية …

 إنه قرار بحاجة لتفكير عميق ومدروس مهما كانت المغريات …

رولا عطية

المرجع:
 www.fda.gov/consumers/consumer-updates/tatto-you-seven-key-questions-consider

عن الكاتب

جريدة حمص

جريدة حمص أول صحيفة صدرت في مدينة حمص – سوريا عام /1909/ عن مطرانية الروم الأرثوذكس لتكون لسان حال المدينة.