المتطرف هو ببساطة، شخص يدافع عن أفكاره بعنف، وهذا العنف يبدأ لفظيا ويصل ليكون ماديا.
لماذا يدافع الشخص عن أفكاره بعنف؟!
- لأنه غير واثق منها ومن قدرتها على الصمود أمام امتحانات الموازنة مع غيرها.
- ولأنه غير مدرب أو مؤهل للدفاع عنها بصورة أرقى.
- أو لأنه لا يمتلك تلك الوسيلة الأفضل للمواجهة.
فما الذي يدفع تلك الأدمغة لكل ذلك، ويضعها في موقع العجز عن المواجهة، وبالتالي رفع سقف الرد.
إن دماغ الإنسان بالنشأة والتكوين، يطلب الغذاء، والراحة لتوفير الحاصل من هذا الغذاء. وهذا بالضبط هو ما يدفع الإنسان لاعتناق النظريات الجاهزة، والتي يصنفها “بالإيمان”. وهذا ينطبق على العقائد الدينية، أو الحزبية والإيديولوجية. ذلك أن هذه “النظريات الكاملة”، ومن منطلق “كمالها” الذي يعتقد به معتنقوها، بناء على شكلها، وعلى ادعاء مروجيها، تعطي “أجوبة لكل شيء” وبالتالي تتيح للدماغ أن يرتاح، فتجده يطلبها ويسكن فيها.
هذا ينتج أمرين خطيرين:
▪أولا تراجع المعرفة والحس النقدي والرغبة بالبحث، وكل ما ينتج عنها جميعا من الخبرة وتطوير الإمكانات، وبالتالي ضعف وتراجع فهم الحياة، وبالتالي ارتفاع حدة أسلوب الدفاع عن الرأي والأفكار، طرديا مع تدني المعرفة.
▪ثانيا فإن حالة الراحة تلك هي منتج كيميائي في داخل الدماغ، يتطور من إفرازات هرمونات السعادة، كالمورفينات والأندروفينات والأوكسيتوسينات. تلك التي تضفي الشعور بالنشوة والراحة والطمأنينة، والتي حالما يدفع المحيط الدماغ للتفكير بجهد، عبر زعزعة تلك القناعات “الإيمانية” الراسخة، ستختل وتنخفض إفرازات الهرمونات المذكورة، التي تفرز وقت الراحة، وهذا يؤدي إلى اضطراب المزاج بشدة، بشكل يشبه كثيرا جدا قطع المخدرات عن المدمن كيميائيا، حيث يصبح عدوانيا لأنه بحاجة لمادة كيميائية انخفض تركيزها فجأة في جملته العصبية.
فالتطرف معضلة بنيوية عند الإنسان، وهي تخص كل البشر دون حصر أو تحديد، ومواجهتها انطلاقا من هذه المقاربة التي تسعى للتبصر، تنطلق من فهمها ومحاولة مواجهتها بالتنوير وتنويع مصادر المعرفة ورفع المؤهلات، وتحريض العقول على العمل في مقابل ميلها للكسل. وهذا يجعل من تلك المواجهة أمرا مصيريا، بمعنى الحاجة الماسة إليه من جهة، وبمعاني الديمومة فيه من جهة أخرى، كمسألة إصلاح حضاري مستمر لا يقف، ولا ينتهي.
يزيد جرجوس
اترك تعليقاً