تبدأ فرحة الأم بولادة ابنها، ومع التهاني تبدأ الأمنيات للمستقبل البعيد الواعد، وتتكرر جملة “تشوفيه بأعلى المراتب” فتلتمع عيناها وتضحك ملامحها لمجرّد الفكرة، وأعلى المراتب في مجتمعنا هي التفوّق المدرسي وتحصيل أعلى درجات ممكنة في “البكالوريا” للوصول إلى كلية الطبّ في الدراسة الجامعية.
فيكبر الصبيّ وينهى دراسته الجامعية -مع العلم أن أحداً لم يمهله حتى التخرُّج- فهو “الحكيم” منذ لحظة قبوله في كلية الطبّ البشري، ويتحول الطالب الجامعي “الحكيم” إلى طبيب مقيم في المشفى وزائر في بيت أهله المفتخرين أبداً والمشتاقين دوماً، ولم يكن لديهم أيّ مانع فهذا عمله وواجبه ورسالته الإنسانية، فيكون التشجيع والإطراء سيدا الموقف، وككل ما يندرج تحت دواعي الدراسة والعمل والواجب يكون مبرّراً حتى وإن أودى بحياة الدارس أوالعامل أو حتى “الموجَّب”، وكل ما هو تسلية ومرح غير مقبول وليس له من داعٍ بل يكاد يكون ممنوعاً ولو أنه قد ينقذ حياة بالمقابل.
وإذ بالأيام تدور، والكورونا لبلادنا تزور، فيتحوّل الاطمئنان إلى خطب والفرحة إلى رعب.
مع تحوّل غريب بالدعوات والأمنيات فكلّ جملة من مثيل “يا ريتك متلو” تتحول إلى “نشكر الله ما طلعلك طبّ متلو”،
حتى وإن بقيت ضمنية غير مصرَّح بها.
وتتحول نظرات المجتمع الشفوقة إلى الأطباء وذويهم، بدلاً من أهالي قليلي التحصيل العلمي.
فتقلب كورونا المقاييس كلها ولا شيء معها يبقى على حاله.
اترك تعليقاً