إن كلمة تأديب هي أكثر كلمة يساء فهمها في مفردات التربية والتعليم، فالتأديب ليس سيطرة أو إكراها أو قمعا، إنما هو عمل من أعمال المحبة، وهو إرشاد الطفل لاختيار الصحيح بدل الخاطئ.
وقد يتضمن العقوبة لكن ينبغي ألا تشمل الوحشية أو العقوبة البدنية. ويحتاج كل طفل لأن نرسم له حدودا من السلوكيات عليه ألا يتخطاها، هذه مهمة شاقة لكن النتيجة الحصول على أشخاص بالغين ناضجين يعتمدون على أنفسهم.
ما الذي يمنعنا من وضع الحدود؟
وضع الحدود نظريًا أسهل بكثير من تطبيقها بشكل عملي. أحيانًا نتقاعس عن تأديب أولادنا لعدة أسباب:
أولاً: التأديب أمر مجهد
نحن نفضل أن نعيش في سلام لمدة قصيرة على حساب الفوائد طويلة الأمد، نعتقد أننا نستطيع أن نبدأ غدًا، بعد شهر، عندما تنتهي الامتحانات، عندما نشعر بأننا أكثر قوةً، أو ننتظر ليصبح أطفالنا واعين ومدركين لمعنى الحدود، لكن كلما أجلنا أصبح الأمر أكثر صعوبة لنا ولأولادنا.
ثانيًا: نعتقد أنّ التأديب ضدّ الحُبّ
“من يمنع عصاه يمقت ابنه ومن يحبّه يطلب له التأديب”، التأديب هو جزء من المحبة. كوالدين نحتاج لأن نتّخذ بعض القرارات لأولادنا في المرحلة التي لا يستطيعون فيها أن يتخذوا قرارات لأنفسهم.
ثالثًا: نشعر بالقلق أن أولادنا لن يحبونا عندما نؤدّبهم
على المدى القصير قد لا يحبونا، وأحيانا تراهم يقولون “أريد والدين غيركما” لكن عندما يشعرون بحبنا لهم فهذا الإحساس سيتلاشى.
رابعًا: نخاف من ردود أفعال أولادنا
ينبغي ألا نخاف من نوبات الغضب: الصراخ أو البكاء كتعبير عن اعتراضهم على الحدود التي وضعناها لهم، ولا نتراجع حتى لو كانت ردود أفعالهم بصوت عالٍ ومحرجة ومزعجة لكلّ من في البيت.
خامسًا: نحن لا نريد أن يصبح البيت كالمدرسة
هذا الأمر مرتبط بكيفية وضع الحدود، وعلينا معرفة ما الذي يصلح وما الذي لا يصلح.
تعليمهم أن يتحملوا النتائج والعواقب: جزء هام من وضع حدود لأولادنا أن نعلّمهم أن هناك نتائج لتصرفاتهم إما جيدة أو ضارّة. إذا كسروا لعبة وهم في حالة غضب فلن نشتري لعبة أخرى، إذا ألقوا الطعام على الأرض عليهم أن ينظفوا ما قد ألقوه.
من أين نبدأ؟
هذه أربعة مبادئ لوضع الحدود:
1. لا تحاول حلّ كلّ الأمور بسرعة وبنفس الوقت، ابدأ باقتراح أو اثنين.
2. لا تتوقع أن تكون أسرتك مشابهة لأية أسرة أخرى، ولا تقارن أطفالك بغيرهم.
3. لا تتوقع نتائج فورية، الأطفال يحتاجون للثبات والروتين، وقد يحتاجون بعض الوقت ليتأكدوا من جديّتنا.
4. امدح التصرّفات الجيّدة واستغلّ كلّ فرصة لتشجيع التصرّف الإيجابي.
التصرّفات الخاطئة للطفل ليست بالضرورة تحديا للسلطة، ممكن أن يكون الطفل متذمرًا أو منزعجًا بسبب المرور بوقت عصيب في المدرسة، أو للفت الانتباه والاهتمام، وقد يكون متعبًا أو مريضًا. فمن الضروري التوقف للتفكير في سبب سلوك الطفل، وعلينا أن ننتبه أنه كلما وضعنا الحدود أبكر أصبحت تربيتنا لأولادنا أسهل عندما يكبرون.
اترك تعليقاً