في خضم الحياة يتعرض الإنسان لسلسلة من المصاعب والمشاكل منها ما تكون مشاكل صحية.
في الماضي كان الإنسان يلجأ إلى الطبيب الذي يقوم بالفحص ثم التشخيص والعلاج.
في السنوات القليلة الماضية و نتيجة ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وانتشارها وسهولة الوصول إليها، ووجود جزء منها ليس بقليل يهتم بمواضيع طبية، فقد ظهر طبيب جديد سهل المتناول والوصول إليه، ولا يحتاج إلى بذل جهد لمقابلته وأخذ موعد منه كالطبيب الكلاسيكي وحتى إن خدماته مجانية…. إنه الدكتور ويب: غوغل… يوتيوب …
و غدا الإنسان بوساطته يعالج نفسه بنفسه دون أن ينتبه إلى أن ذلك قد يكون مضرا له لا بل وربما قاتلا.
سنستعرض فيما يلي لماذا لا يمكن أن يكون الويب طبيبا:
١ – المواقع الطبية التي عادة ما يتابعها الناس، ليس بالضرورة أن تكون متابعة من قبل أطباء اختصاصيين، إذ يمكن لأي شخص ولو كان ليس طبيبا أن يكتب مقالا مفصلا عن أي مرض، وهذا المقال قد يحتمل في جنباته الصحة… و لكنه قد يحتمل الخطأ.
٢- المسؤولية :
الطبيب الاختصاصي عادة يكون مسؤولا عن علاجه، فهو ثمرة تعبه و دراسته و عمله، لا بل يهمه جدا أن يشفى مريضه، فمرضاه هم رأس ماله الحقيقي وسيتحمل مسؤولية خطأئه في العلاج.
أما الويب فمن المسؤول عنه وعن معلوماته ودقتها؟ وفي حال خطأ معلوماته من يتحمل المسؤولية؟
٣- تعلم الخبرة الطبية أنه لايوجد مرض بل يوجد مريض… ماذا يعني ذلك؟…
نفس المرض قد يظهر عند شخصين بأعراض مختلفة، وخير دليل ما حظث في الآونة الأخيرة بما يخص فايروس كورونا، إذ قد يظهر عند أحدهم بإسهال، وعند الآخر بأعراض تنفسية وعند آخر بترفع حروري…
لذلك لن يكون الويب قادرا على تشخيص إصابة أحدنا بالمرض، في الوقت الذي يستطيع أي طبيب و لو كان طبيبا عاما ليس باختصاصي أن يتوجه أو يشخص المرض.
٤- و هو الأهم قد تكون أعراض المريض التي يبحث عنها على النت تدل على تهديد للحياة أو لأحد أعضاء الجسم البشري.
فمثلا معظم حالات الإقياء والتعرق تشير إلى التهاب المعدة، ولكن أحيانا قد تكون جزءا من أعراض تشير إلى احتشاء عضلة قلبية مهدد للحياة وبحاجة علاج إسعافي …
معظم حالات التلون الأزرق و البنفسجي للجلد تشير إلى كدمات نتيجة رض، ولكنها قد تشير إلى تموت في المنطقة تال لإصابة، أو سكري أو نقص تروية …
وفي هذه الحالات قد لا يكون الويب مشخصا خاطئا فحسب بل قد يكون موجها لأي احتمالات تبعدك عن التشخيص الصحيح الذي نحن بحاجة سريعة إليه، للحفاظ على حياة الإنسان أو أحد أعضائه.
و للتذكير فإن معظم المواقع الطبية المعترف عليها عالميا هي مواقع بلغات أجنبية ليست عربية كما أنها ليست متاحة للجميع إذ تحتاج إلى اسم مستخدم وكلمة مرور username & password للولوج و الدخول إليها.
ملخص القول …ربما ليس خطأ شنيعا أن يتابع الإنسان هذه المواقع المتاحة للجميع، ولكن بكثير من الحذر لا سيما عند وجود حالة مرضية مهمة و يبقى الطبيب الاختصاصي هو الأمان والراحة صاحب المصلحة الأولى والأخيرة في شفاء المريض.
د. جرجس سمعان
اترك تعليقاً