بأقلام الشباب
كانت قوية بما يكفي لتغري ولدي وتخطفه من بين يدّي، رغم كل محاولاتي لمنعه من اللحاق بها كان يصمّ أذنيه عن سماعي، لقد أخذ قراره بأن يمضي معها ،حتى توسلات أمه لم تجدِ نفعاً فتقول بنبرة الاستسلام “لابد أنها دبرّت له سحراً”
إنها الحروب يا بنتي لم تفشل يوماً في إغراء الرجال
“يتابع حديثه بصوت مختنق”
الآن و بعد مرور أكثر من سنة على موته مازال ينبت بين أضلعي، لقد أصبح عمره ثلاثة أعوام
أدفن رأسي بين ذراعي على تلك الطاولة الخشبية في غرفتي ، وأعطي أمراً لعقلي ببدء الرحلة
يسألني متململاً إلى أين هذا اليوم ؟
فأقول له “على طريقك ”
يحرّك المقود ببطء على بنات أفكاري المزعجة فيسحقها سحقاً كاملاً ، ثم يضغط ضغطةً مباغتة على مكبح الخيال في رأسي
يمشي دون تحديد وجهة معينة، لكن سرعان ما أصل، كل شيء هنا يدعو النفس للرضا.
أستطيع أن أشعر بقدمي تعلوان عن سطح الأرض ..أرتفعُ شيئاً فشيئاً تسري في جسدي رعشة غريبة .
من هنا أستطيع رؤيته بوضوح
أستطيع أن أشم رائحة البخّور ..إنها رائحته المقدسة
أنتظره كل يوم على أطراف السماء بالقرب من منزله الجديد
فيأتي فاتحاً ذراعيه بوجهٍ مبتسم ونفس مطمئنة
يحدثني بصوت يدخل الأمل إلى قلبي، يقول إنّه ليس نادما على اختياره هذا الطريق فمنزله الجديد أجمل
جيرانه، أصدقاؤه، كلّهم أجمل
جلّ ما أخشاه أن يقول لي … والد أجمل
ستؤلمك ذراعاك من النوم هكذا “يأتي صوت زوجتي كما لو أنها ضربت حجراً على تفاحة لتسقطها من أعلى الشجرة”
فأعود من رحلتي ثملاً بنبيذ وجهه الحلو بعد أن احتفظت ببعض منه في زوايا قلبي المظلمة لتؤنس ماتبقى من فتات العمر .
هلا العلي
اترك تعليقاً