أيمكن أن نعيش الميلاد في هذه الأيام العصيبة التي نمر بها ؟
أين هو طفل المغارة؟ لماذا لا يأتي وينقذنا؟.. أهو نائم ؟
لماذا لا يتواضع ويأتي من عرشه ويشعر فينا..؟
ماذا ولماذا ولمن نقدم الهدايا؟
من منا لا يمر على باله هذه ولو للحظات في خضم التجارب وما أكثرها في هذه الأيام؟! …
إن الاجابة على هذه التساؤلات تكمن في قصة ميلاد ربنا ذاتها…
في الحقيقة إن هذه الأيام ((القاسية)) التي نمر بها هي التي تجعلنا نختبر الميلاد الحقيقي، فكم منا فقد منزله أو اضطر أن يلجأ إلى مكان آمن يشعر فيه بانه إنسان له كامل الحقوق والواجبات؟ … ألم يضطر المسيح حتى وقبل أن يولد إلى أن يذهب إلى بيت لحم عند حدوث الاكتتاب؟.. ألم يطرق القديس يوسف والعذراء مريم أبواب العديد من المنازل ( أبواب قلوبنا ) ولم يفتح لهم؟ … إلى أن لجؤوا إلى حظيرة /المغارة/ (المنزل الذي وسع الذي خلق منذ البدء ليحوي كل الخليقة والإنسان هو الذي أبعد ذاته عنه ورفضه)..
من منا لم ينظر بعتب إلى الله لأنه لم يتدخل حتى الآن لينقذه من الظلمة والصقيع؟ .. أولا من الأجدر به أن ينقذ ابنه أولا… فلم يجد الطفل يسوع سوى مذود حقير يستقبله.. على الرغم من وجود آلاف البشر الذين رفضوا استقباله… ألا يحدث لنا الآن ما حدث للمسيح؟.. ألم ترفض استقبالنا معظم البلدان؟ والأقسى منها رفض الإخوة لاستقبال إخوتهم في الأزمات التي حصلت.. ألم نسلك سلوك هيرودس تجاه بعضنا؟ ألم نقتل إخوتنا من لحمنا ودمنا عندما نظرنا إليهم بتكبر وعجرفة لأنهم فقط (فقراء أو مهجرون )؟ … ألم يصبحوا في متناول ألسنتنا على موائد الطعام عندما فقدوا طعامهم؟ … ومازلنا نسأل أين هو الله؟
من أنار ظلمة ليل الطفل يسوع سوى السماء (منزل الله الحي) التي أنتجت أجمل نجمة إكراما له، وأضاءت الطريق وارشدت الكثيرين له؟..
من قدم للطفل الهدايا؟ أأهل مدينته أقرباؤه، أم الغريبون عنه؟ ومن هو هذا الغريب؟ …
والسؤال هنا يعود إلينا.. لمن نقدم الهدايا في الميلاد أللقريب أم للغريب؟.. أللفقير أم للغني..؟
أطلب مننا يسوع أن نصوم وهو لم يصم؟
أنتعرض للشتائم و اللطم والموت أحيانا وهو لم يتعرض؟
أجعنا؟ .. أبكينا؟.. أتألمنا؟.. وأنقذ الله ابنه فقط ؟
من هو مسبب الألم تجاه بعضنا؟ أنحن أم الله؟ … من هو مسبب التجارب هل هو الشيطان أم الله؟.. من يقسو علينا؟ أنحن نقسو على أنفسنا وإخوتنا أم الله يقسو علينا ؟.. من الذي ابتعد عن الله أنحن أم هو؟
من الظلم الشديد أن نعزو لله كل سبب لمعاناتنا على هذه الأرض فهو من ارتضى أن يتجسد ابنه ليختبر معنا معاناتنا، حتى عندما نتكلم معه عن الفقر أو البرد أو الألم أو الموت يقول لنا: ” أنا معكم طول الأيام “.. هو من رفعنا إليه.. ونحن رفضنا هذا الارتفاع وهذه البنوة … هو من قال “أنتم أبناء للنور” ونحن اخترنا أن نبقى في الظلمة .. هو من قال”أنتم لستم من هذا العالم لأن العالم يعرف خاصته وأنتم لم تعرفوني”.
إذاً فعلينا أن نشكر الله لأنه لم يتدخل حتى الآن، لأننا جميعا بلا استثناء نستحق أقسى العقوبات، ولكن الله بسبب محبته لنا لم يقس ُ علينا، وشعوره الأبوي (نائم) .. نعم لا بل ربما متغافل عنا وهو ينتظرنا لنتوب حتى لا نتعرض للعذاب الأبدي عند دينونتنا الأبدية ..
كم أنت رحيم يا الله وأحكامك عدل وقولك حق!..
فاذا أيامنا هذه هي الأيام المثلى لنعيش الميلاد الحقيقي، وفرصة للتوبة الحقيقية في داخلنا ..
أن نشعر بما شعر فيه ربنا و أخوتنا.. هذا الزمن الذي تساوى فيه الآلاف من البشر سواء في المعاناة المادية أم المعنوية… هو الزمن المثالي للإحساس بالآخر ومساعدته والمساعدة هنا ليست بالضرورة مساعدة مادية.. فالرعاة البسطاء سجدوا لطفل المغارة وقدموا له إكرامهم له .. والملائكة قدموا ترنيماتهم له، والمجوس قدموا الهدايا …
والسؤال هنا نحن ماذا سنقدم ولمن؟ وهل سنبقى ظالمين لله؟ هل سيظل سؤال (أين هو الله) مشروعا ومحقا لنا؟.. أم يجب أن يتحول إلى (أين هو أخي الإنسان؟) وأين أنا من أخي؟ وماذا ستكون هديتنا لله هذا العام؟ .. هل سنكون من الساجدين مع الرعاة أم من المرنمين مع الملائكة؟ أم من التائبين كما أرادنا أن نكون؟ … أم سنبذر أموالنا بغير حق؟..
أبتِ اغفر لنا لاننا لا نعرف ماذا نفعل.. وعلمنا أن نعمل رضاك لأنك أنت الهنا..
ولتكن صلوات طفل المغارة معنا جميعا، وترحمنا بشفاعة والدة الإله وجميع القديسين آمين …
ديانا غرير
اترك تعليقاً