هناك في مغارة معتمة وباردة لكن بعيدة عن ضجيج الحياة المادية وأطماع الأحياء، ولد يسوع بهدوء وخشوع ليضيء المغارة أولا والكون ثانيا بنوره الإلهي، و يزيل العتمة منها والظلمات من كل الأرجاء، وكذلك ليبشر بمستقبل مشرق للبشرية تنتصر فيه المحبة وينتشر الدفء و السلام، فيهلل من فرح بميلاده قائلا: “المجد لله في العلا وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة”، ولياتي المجوس مهتدين بالنجمة ويقدموا هداياهم له بتعظيم واحترام.
نعم ايها السادة هكذا كان الاحتفال بمولد المخلص، ولازال السوريون يحتفلون به لكن على طريقتهم: وذلك بتزيين الأشجار التي سقيت بالعرق ورويت بالدموع وتطهرت بالدماء، أو التي صنعت بهمة المبدعين الشباب، ثم بإشعال الأضواء فيها لإنارة الجمال والعطاء والشموخ في وطن أرادوا تجريده مما ذكرت، وبإنشاد الأغاني الوطنية والتراتيل الميلادية، وباقامة المعارض والأمسيات وألعاب الكرمس في الصالات وغيرها من النشاطات التي يشترك فيها كل الناس ويشرقون مع أنوارها ويتفاءلون بها.
وخلاصة الكلام مهما حاولتم أن تحاربونا أو تزرعوا الإحباط فينا، فلن تنجحوا لأن الطفل الإلهي يسوع سيولد في كل مدينة وكل قرية وفي كل حي وكل بيت ليقول لنا: لا تخافوا أنا معكم، وسنبقى نحتفل به بهمة الشباب ومباركة الكهنة والشرفاء ومشاركة الصامدين رغم كل الصعوبات .
فدمتم أيها المحتفلون بميلاد المسيح أشجارا متجذرة في سوريا بأغصان جميلة ومثمرة لن يقوى أحد على تشويهها اصو اقتلاعها، وكل عام واصنتم وسوريا وأبناء سوريا أينما كانوا في الوطن والمهجر بالف ألف خير.
نهلة كدر رحال
اترك تعليقاً