لا أذكر عدد المرات التي زرتها، فهي قد فتحت صدرها لي ولغيري، عشرات المرات و لا تزال ، زرتها في مناسبات متعددة ، منها بدعوات المركز الثقافي ومنها بدعوات أصدقاء وفي مناسبات مختلفة سحر ما يجذبك لهذه البلدة ويجعلك لا تتردد في زيارتها كلما سنحت الفرصة ومع أن زيدل على مرمى حجر من مدينة حمص فإن كثيرين لم يزوروها فهي تبعد خمسة كيلومترات عن حمص .
من جهتي أشعر بالخجل عندما يسألونني هل زرت: مرمريتا أو الناصرة أو أم شرشوح أو مشتى عازار مثلا؟ فأجيب بالنفي، وهي بلدات جميلة وتتبع لمحافظة حمص وزيارتها واجب ..!! ولعلي في قادمات الأيام أزورها ولي في كل منها أصدقاء رائعون ..!!.
أعود إليها بعد سنين على آخر زيارة, كان المساء جميلا ً قبل أيام مثلما كان في زيارتي الأولى قبل عشر سنين حيث زيارتي الأولى لها وكان صاحب الدعوة المطران جورج كساب لروحه السلام ، وكانت المناسبة حفلا ً بذكرى عيد الجلاء وكان الحضور من أنحاء عديدة من محافظة حمص … حفل ثقافي شعري وغنائي في كنيسة زيدل الجديدة .
يومها أهدى الحاضرون كتاب ( زيدل .. أرض وإنسان !!) من تأليف مواطنين من زيدل هما محفوض ضاحي المختار الأسبق والدكتور سالم العيسى الأستاذ بكلية الهندسة المعمارية .
زيدل أرض خصبة وفلاح مجد ثمة أنواع للعنب التي اشتهرت زيدل بإنتاجه جاء المغتربون بغراسها ، منها تلك الأنواع التي لابذور في حباتها والتي يوصف تناولها لمرضى الجهاز العصبي والنفسي كما يقول الأطباء .
زيدل نصفان : نصف مقيم فيها ونصف مغترب ..!! والمغتربون لهم حضورهم الذي يمتد لمئة عام منهم مهندسون وأطباء ورجال أعمال وهؤلاء يجودون بمالهم للمشاريع العامة كما يجودون لأسرهم وماتبقى لهم من أقارب في زيدل .
ليس ثمة متر واحد في زيدل إلا ولبسه اللون الأخضر من حديقة المنزل إلى الأرض المجاورة … عرائش العنب على مد النظر والكروم واللوز والزيتون .
أسأل عن شعراء زيدل فيخبرني مضيفي الشاعر عبد العزيز عبد العزيز أن بعضهم مات مثل : عيسى العيسى وبعضهم هاجر مثل مطانس الداوود وبعضهم لايزال مثل الشاعر عبد العزيز الذي يخبرني أن الكثيرين من مغتربي زيدل في أمريكا قد انتقلوا للعمل والعيش في كندا ففي مدينة /تورنتو/ الكندية عدد لابأس به من الأسر (الزيدلية).
ولكن ثمة قصص فيها حزن تتعلق بالهجرة فثمة قصة حب شهيرة انتهت فجأة هي قصة ذلك الشاب الذي تعلق بفتاة هوته وهواها، وذات يوم طرق باب بيتها ولم يفتح أحد له، فقد هاجرت مع أهلها إلى ماوراء البحار وهذه القصة كتبها شعراً الشاعر عبد العزيز عبد العزيز في ديوانه /أمطار بلاغيوم/ وجاء فيها:
ليتنا لم نلتق ذاك المساء … ليته ماتم إذ ذاك اللقاء
ليتني لم أعرف الوجه الذي … في ظلام البدر كالليل أضاء
إن ذكراكم ستبقى دائماً … تسكن الألباب تجري في الدماء..!!
زيدل ، البلدة الوادعة الساحرة والناس الطيبين سلاماً وتحية ..!!
عيسى إسماعيل
اترك تعليقاً