قال الرئيس الراحل حافظ الأسد وهو في مؤتمر عدم الانحياز السابع في الهند في آذار ١٩٨٠, وأمام ما ينوف على مئة وفد من وفود بلدان عدم الانحياز, قال:”..دعوني أذكر فقرة واحدة مما جاء في توراة إسرائيل لتتبيّنوا حدود الدولة المقصودة والتي تريدها الصهيونية, وزعماؤها. تقول الفقرة حرفياً: “في ذلك اليوم قطع الرب مع أبراهام ميثاقاً قائلاً لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير,. نهر الفرات, القينيين, والقنزيين, والقدمونيين, والحثيين, والفرزيين, والرفائيين, والآموريين, والكنعانيين, والجرماشيين,, واليبوسيين”.
ثم تساءل: “فهل يعقل أن يظلم الله الناس بهذا الشكل, فيشرد عشرة شعوب من أوطانها أو يبيدها ليحل محلها شعب آخر!”.
تساءَل الأسد, وهو خير العارفين, تساءل مستفهماً مستنكراً, وهو يعرف جيداً أن اللهَ عادلٌ ولا يرضى بظلم الناس.
وربما أراد أن يقول لنا: إن مثل هذه الأقوال إنما هي محض افتراء, فلا الله قالها ولا يرضى على من قالوا إن الله قالها.
والرئيس الأسد كان يعرف أن هذا من صنع الصهيونية, لذلك قال لنا في ذلك المؤتمر محدداً الصراع في المنطقة العربية وفي العالم: “إن الصراع في المحصلة هو بين الصهيونية باعتبارها حركة عنصرية من جهة, وبين أعداء العنصرية في هذا العالم..”.
فالصهيونية تضع أهدافها وترسم خططها ثم تقوم بتنفيذ هذه الخطط, بشتى الوسائل, وبمختلف الطرق كيف كان, وأنّى كان؛ بالإرهاب وبالتخويف وبالقوة, مظاهرها مختلفة ومتعددة, ولعل الماسونية تشكل خطراً حقيقياً على العالم, باعتبارها مخططاً فكرياً واجتماعياً واقتصادياً, صهيونيّ الفكر, عميق الأهداف, كبير الأثر, متغير المظهر, قادته هم من كبار المفكرين اليهود, تحمل أسماء مختلفة, وتعمل بسمات متعددة, لتخدم أهدافاً صهيونية واحدة, ولقد انغمس في حمأتها رجال فكر, وعلماء عظام لهم دورهم الكبير في التاريخ وذلك من شعاراتها البراقة الزائفة.
وللماسونية محافل كثيرة متعددة ومنتشرة في مناطق مختلفة في العالم, أهمها :أبناء العهد ـ والاتحاد اليهودي العالمي ومحفل “لاينيز إنترناشيونال” والروتاري التي امتدت إلى أوربا وآسيا إفريقيا, وهذه أخطر المحافل الماسونية في المنطقة العربية خاصة، وقد نفرد لها مقالاً خاصاً بها قريباً.
و نحن نعلم أن النظرية الصهيونية تعتمد بكليتها على تعاليم التوراة والتلمود, أي على أهم مصادر ما يسمى بالدين اليهودي. والفكرة الأساسية لهذه التعاليم أن الشعب اليهودي هو شعب الله المختار, وتنصُّ التوراة على حتمية استقرار سيطرة اليهود على العالم وتحويل الشعوب الأخرى إلى أدوات في خدمة اليهود عن طريق السيطرة الاقتصادية والسياسية والمعنوية , ولهذا أعتقد أنه قال: “وفي هذا, كما أرى, ما يفسر أعمال إسرائيل ونزعاتها التوسعية, مع العلم أن أرض إسرائيل بموجب هذه الإيديولوجيا تمتد لتشمل أراضي شعوب أخرى غير عربية, إنها العنصرية أيها الأصدقاء, وما لم يوضع حد للفكر العنصري والعنصريين في كل مكان, فستظل قضية الحرية والسلام تتعثر في عالمنا وسيظل هذا العالم على حافة الخطر الكبير, على حافة المأساة الرهيبة.
* نُشرت سابقاً في صحيفة جيل الثورة ضمن زاوية لي بعنوان “وماذا بعد؟ ” تصدر عن المكتب التنفيذي لاتحاد الطلاب العرب – دمشق 15 / 7 / 1980
د.جودت إبراهيم
اترك تعليقاً