بأقلام الشباب
ليستْ مؤسسةً تعليميةً فحسب،ْ بلْ تعد منْ أهم المعالم الأثريةِ والتي يبلغُ عمرها قرناً منَ الزمان، واكبت خلالهُ عدةَ عصور وخرّجتْ اّلافَ الأجيال التي لمعت أسماؤها في سوريا في أنحاء متفرقةٍ من العالم. فعندما يُقالُ عنها “مدرسةُُ وأكثر” هي بالفعلِ كذلك إنها الغسانيةُ الأرثوذوكسية الخاصةُ التي تأسستْ عام 1887 وكان مقرُّها الأساسي في كنيسةِ القديسين الأربعين شهيداً بالحميدية،ِ ومن هنا كانتِ الانطلاقةُ الأساسيةُُ لمدرسةٍ لم يقفْ شيءٌ في وجهِ رسالتها رسالةِ العلمِ والبنيانِ.
بعدَ مدةٍ من الزمنِ قررَ القائمونَ عليها توسيعها ورفعَ سويتها العلميةِ لتشملَ المرحلةَ الثانويةَ، والجديرُ بالذكرِ أنها كانتْ تستقبلُ التلاميذ لا منْ مدينةِ حمصَ فقط بلْ منْ جميعِ أنحاء البلد، معززةً بذلك اللحمةَ الوطنيةَ بينَ أبناءِ البلدِ الواحد.
تابعتْ ازدهارها ببناءِ العديدِ من المدارسِ التابعةِ لها والتي كانتْ في أحياء:ِ بستانِ الديوانِ، والحميدية، وبابِ السّباعِ، والمحطةِ علماً أنَّ الإمكانياتِ الماديةِ كانتْ ضئيلةً ولكنَّ الرسالةَ العلميةَ يجبُ أنْ تمتدَّ وقد امتدتْ بقوةٍ كبيرةٍ.
في عامِ2011 واجهتْ بلادُنا الحبيبةُ حرباً استمرتْ عشرَ سنواتٍ كانَ تأثيرها كبيراً على جميعِ مفاصل الحياةِ وبالدرجةِ الأولى أثّرتْ على القطاعِ التعليمي، فالحروبُ دائماً تستهدفُ العلمَ لوقفِ بنيانِ الأمةِ، وكانَ للغسانيةِ كغيرها منَ المدارسِ حصةٌ من الدمارِ فقدْ طالَ ثلاثةً منْ مدارسها في أحياءِ بابِ السّباعِ والحميديةِ وبستانِ الديوانِ إلى أنْ وصلَ الحالُ لإغلاقِ تلكَ المدارسِ بسببِ الأوضاعِ الصعبةِ والأضرارِ الجسيمةِ التي لحقتْ بها.
عندَ استقرارِ الأوضاعِ عادتْ الغسانية بعزيمةٍ أكبر نافضةً غبارَ الحربِ متابعةً الرسالة التي نشأت من أجلها، فكانتِ الخطوةُ الأولى إعادةَ ترميمِ تلكَ المدارسِ تجهيزاً لاستقبال تلاميذها، فالعملُ الجماعي الذي تجسّدَ بإدارةٍ حكيمةٍ وكوادر تدريسيةٍ تعدُّ منْ أهمّ الكوادرِ على مستوى حمص، جعلتْ التلميذَ محورَ العمليةِ التعليميةِ باستخدامِ أفضل الأساليبِ لإيصالِ المناِهج بالطريقةِ الصحيحة، عدا عن النشاطاتِ المرافقةِ للتعليمِ لجعلهِ أسلوباً للحياةِ، مبتعدةً كل البعدِ عنْ أسلوبِ التلقينِ مما جعلها منْ أفضلِ المدارس.
وبفضل العملِ الدؤوب اشتهر تلاميذها بإتقانهم الكبيرِ للّغةِ الإنكليزيةِ. كما عملتْ على اكتشاف المواهبِ الموسيقيةِ منها والفنيةِ وقدمتِ الدعمَ لهمْ منْ خلالِ التدريبِ المستمرِ وإقامةِ احتفالاتٍ يقدمونَ فيها فقراتٍ موسيقيةٍ وأخرى تمثيليةٍ وبعضِ الفقراتِ التي تتجسدُ بإبداعاتٍ كتابية،ٍ وبذلكَ تكونُ منْ أكثرِ المدارسِ التي ركّزتْ على جميع الموادِ بوصفها موادَ أساسيةً، ولمْ تميزْ مادة عن أخرى. وقدْ نالَ الإرشادُ النفسيُّ اهتماماً كبيراً منْ قبلِ القائمينَ على المدرسةِ لمَا لهُ منْ أهميةٍ وهذا ما جعلَ تلاميذهاَ متميزين، والشاهدُ على ذلكَ جميع المسابقاتِ التي تفوقوا فيها، وروادِ الطلائعِ الذين كانوا جديرينَ بالمشاركة فيه.
صعوباتٌ كبيرةٌ واجهتها الغسانية وتواجهها، ودائماً تعود إلى الصدارةِ بالرغمِ منْ جميعِ الصراعاتِ التي نشبتْ في المنطقةِ منذُ تاريخ تأسيسها وإلى الآن، وهي مدةُُ زمنيةُ لاتعدُّ بالقليلةِ وهذا ما جعلَ منها اسماً منْ ذهب.
ميراي إبراهيم
اترك تعليقاً