ثمة أحداث ومشاهد ثقافية مهمة، هي جزء من تاريخ هذه المدينة التي اشتهرت بأنها (مدينة الشعر والشعراء) ويطلق عليها بعض الإعلاميين والمثقفين لقب (عاصمة الثقافة).
ولأن بعض الأحداث الثقافية، وبسبب الروايات الشفوية تنسب أحياناً لغير صانعيها بقصد أو غير قصد فإنني سأورد بعضها بعدما تأكدت من صحة ما أورد، بناءً على مطالعات وبحث ولقاءات قديمة وحديثة مع أدباء ومثقفي حمص.
-في أوائل خمسينيات القرن الماضي تأسس “نادي حمص الثقافي” بهمة عدد من الأدباء وعلى رأسهم المرحوم رياض كلاليب، وعمل هذا النادي على استضافة عدد من الأدباء العرب لزيارة حمص وإلقاء نتاجهم الأدبي الشعري على الأغلب فيها بحضور أدباء ومثقفي المدينة .
فقد وجّه النادي الدعوة للمرحوم الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في عام 1956 واستضافه بمناسبة حضوره تأبين الشهيد العقيد عدنان المالكي في الذكرى الأولى لاستشهاده .
وأقام الجواهري في حمص لمدة يومين ألقى خلال الأمسية الشعرية قصيدته الشهيرة في تأبين المالكي لأول مرة في حمص في 15 نيسان قبل أن يعيد إلقاءها في دمشق في تأبين المالكي في السابع عشر منه عام 1956 .
ومطلع القصيدة :
خلّفت غاشية الخنوع ورائي
وأتيت أقتبس جمرة الشهداء
وفي عهد الوحدة –الجمهورية العربية المتحدة –استضاف النادي الأديب طه حسين، وعندما استغرب طه حسين أن الحمامصة لما تحلقوا حوله في مأدبة عامرة في مطعم على نهر العاصي يضمون الحرف الأول من /حمص / فسألهم لماذا لا تكسرون الحاء؟ فأجابه المرحوم كلاليب: “يا دكتورنا الغالي.. الحسناء يجب أن تضم لا أن تكسر” فضحك طه حسين وقال (إذاً أبقوها مضمومة …!!).
-عندما نشر الشاعر الراحل عبد المعين الملوحي قصيدته في رثاء نفسه في تموز عام 1983 انتشرت على نطاق واسع وكتب الكثيرون عنها في الصحف والمجلات. فقد كُتبت عنها في صحيفة العروبة عدة دراسات وكذلك في صحيفة حمص والصحف المركزية. وأهم من كتب عنها من أدباء حمص : جرجس الزكيمي، وإسبر باسيم، وعبد العليم صافي، والمحامي عزّة ضاحي، ونزيه الشوفي “صحيفة تشرين”.
وكانت القصيدة تلك السنة أهم حدث ثقافي شعري ليس في حمص بل في سوريا..!
والغريب في الأمر أن مؤرخي حمص لم يذكروا الجانب الثقافي وركزوا في الكتب الكثيرة عن حمص على آثارها وزواياها ومساجدها والطرق الصوفية والأسر الحمصية وجذورها… وهذا شأنهم.. ولله في خلقه شؤون.
عيسى إسماعيل
اترك تعليقاً