تحاورُني القبراتُ
لأستعيدَ ذاكرتي
وما تبقى من الجسدِ ..
مسجىً أنا كسنبلةٍ
داستها سنابكُ الخيلِ
أراقبُ عقاربَ الوقتِ
وتثاؤبَ الثواني
أتململُ قليلاً
وأسيرُ نحو الحائطِ
ألامسهُ ببطءٍ شديدٍ
أبحثُ عن نافذتي
ودفترِ الذكرياتِ
علني أعرفُ من أكونُ..
يغازلُ سربُ نحلٍ
شجرةَ الأكاسيا
يرتشفُ رحيقَها ويرحل
وأبقى وحيداً
أبحثُ عن حروفي
علني أجدُها
قبلَ أن تفقدَ معناها
في زحمةِ الأشياءَ
تعاتبُني أزهارُ النرجسِ
فيجرحُني عتابُها
فأنامُ على جرحِي
وذاكرتي تنزفُ النسيانَ
فمن أكونُ أنا ؟
ومن تكونين أنتِ ؟
تراقبُني القبراتُ بحذرٍ
وأراقبُها أنا أيضاً
تغزونا خيوطُ الليلِ
ونسائمُ الشتاءِ المنفيةِ
من البلادِ البعيدةِ
تبحثُ لها عن مكانٍ
يأويها من جليدِ الزمنِ …
ذاكرتُنا منسيةٌ
وأحلامُنا ملَّتِ الانتظار
يتكسرُ الوقتُ
كغصنٍ أتعبتهُ الريحُ
فآثر الرحيلَ
لكنَّ البحرَ حزينٌ
وقد غادرتْهُ المراكبُ
ولم يعُد للوقتِ وقتٌ
فقد تعبَ الميناءُ
وتراجعَتِ الثواني
بضعَ خطواتٍ
لتحسبَ مساحةَ الوطن
وعددَ أشجارِ الكينا
ومتى يزهرُ اللوزُ..
حزينةٌ عصافيرُ المساءِ
ومالحٌ رضابُها
فلا غيثٌ ينهمرُ
ولا مِن وَدقٍ يرويها
غابَ عبقُ الياسمينِ
وغادرَ النرجسُ
يبحثُ عن ذاكرةٍ فقدها
عندَ أبوابِ غرناطةَ
وبين رُكامِ الحروبِ
وما زالتِ القبراتُ مكانَها
تنتظرُ عودةَ الذاكرةِ
لتعرفَ من هي
ولأعرفَ أنا من أكون….
كامل بشتاوي
اترك تعليقاً