ضمن برنامج “فعّاليّات الرّياضة الروحيّة في زمن الصوم والقيامة” التي تُقام في الكنيسة الإنجيليّة المشيخيّة الوطنيّة في حمص – برعاية مكتبة روبرت سكاف. قدّم الأب غسان السهويّ نائب مطران اللاتين في حمص ورئيس دير الآباء اليسوعيين، نصاً إنجيلياً حول مفهوم الصوم، موضّحاً مفارقات النّص ذاته في ثلاثة أناجيل (متى ومرقس ولوقا) وذلك يوم السبت 20 نيسان 2024.
حيث انطلق من محاور عدة بدأها بالحديث عن سؤال يُطرح على السيد المسيح: “لماذا لا يصوم تلاميذك بينما تلاميذ المعمدان والفريسيون يصومون؟” فيجيب سائلوه بسؤالٍ يقدّم فيه نفسَه عريسًا يَحتفل به تلاميذُه “أهل العرس”، أتُراهم يصومون والعريس بينهم؟” ثم يمضي ليفتح أمام تلاميذه والسامعين أفقاً جديداً لعيش الصوم “فحينما يرُفع العريس من بينهم يصومون”.
يسوع لم يطلب من تلاميذه أن يصوموا بل أن يسهروا وينتظروا العريس، وبهذا الانتظار لا يعود الاهتمام بالمأكل والمشرب، بل بالعريس المُنتظَر. فعلاقة العريس بالصوم كانت معروفة كثيراً في العهد القديم، والنبي هوشع يحكي عن علاقة الله بشعبه مشبّهاً إياها بعلاقة العريس بالعروس. ويسوع المسيح هو عريس نفوسنا وحياتنا وهو محور اهتمامنا، وحبُّه أساس وجودنا.
كما وضّح خلال حديثه الفروقات الصغيرة في النصّ بين الأناجيل المتشابهة (متى ومرقس ولوقا) وتحدث عن جمال مفهوم الصوم في معناه الأساسي كفعل محبة تجاه العريس المحبوب خصوصاً عند ساعة اقترانه العرسيّ الأبدي بنا، برفعه على الصليب حباً لأجلنا. بالإضافة إلى الحديث عن الفروقات بين النصوص من تطوّر مدّة الصوم بحسب نمّو الوعي المسيحي عبر التاريخ من يومٍ واحدٍ وهو يوم الجمعة العظيمة الذي “رُفع العريس” فيه، إلى عدّة أيام تصل إلى أربعين يوماً. ويُقرّها مجمع نيقية (325) للكنيسة جمعاء.
وفي ختام حديثه أكّد على كيفية عيش الصوم اليوم بارتباطه بأعمال المحبّة ومشاركة الخيرات والصدقة خصوصاً “لإخوة يسوع الصغار” الفقراء والمهمّشين.
وغاية الصوم ليست عمل أعمال صالحة لنيل الخلاص، إنما لإظهار اهتمامنا نحو الله ووضعه في أولويّات حياتنا.
مؤكداً أنّ الصوم لا يقتصر على ممارسة فرديّة إنما هو مشاركة الآخرين بالعطاء والمحبة على الرغم من اختلاف التقاويم وأنماط الصوم، فجوهر الإيمان واحد ونحن كمسيحيين كل يوم لدينا عيد وفرح القيامة.
اترك تعليقاً