صدر مؤخرًا كتاب جديد يناقش دور القوى الغربية وتأثيرها على الساحة الدولية. الكتاب يحمل عنوان “حروب اللاوعي” للكاتب الأستاذ يزيد جرجوس، يتناول فيه الدور الذي تلعبه الدول الغربية في تشجيع وتغذية التطرف وتوجيه الحركات الإرهابية ذات الطابع الديني في مناطق مختلفة من العالم، و تشكيل الأحداث العالمية وتوجيهها بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.
قدم تحليلًا معمقًا للعلاقة بين السياسات الغربية وصعود الجماعات المتطرفة، موضحاً كيف أن هذه السياسات التي غالباً ما تكون موجهة لتحقيق مصالح قصيرة المدى، أدت إلى نتائج كارثية على المدى البعيد، من بينها خلق بيئات حاضنة للتطرف. كما يستعرض الكتاب أمثلة تاريخية وسياسية متعددة، ويشير إلى أن بعض السياسات الغربية مثل دعم حركات معينة أو الترويج لأيديولوجيات محددة، قد ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في نمو الحركات المتطرفة.
يغطي الكتاب مجموعة من القضايا الهامة مثل الحروب والصراعات الإقليمية، ودور الدبلوماسية الغربية في تحقيق التوازنات الدولية، بالإضافة إلى التدخلات العسكرية والاقتصادية التي تمارسها هذه القوى في مناطق مختلفة من العالم. وخاصة منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أمثلة متعددة من الأحداث التي ساهمت فيها القوى الغربية بشكل مباشر أو غير مباشر في تغيير مسار التاريخ. أيضاً تأثير سياسات القوى الغربية على الدول النامية، وكيف يتم استغلال موارد هذه الدول لتحقيق مكاسب اقتصادية وجيوسياسية.
مشيراً إلى الأبعاد الأيديولوجية والإعلامية لهذا الدعم، وكيف تم ترويج هذه الجماعات عبر وسائل الإعلام الغربية أحياناً، بما يخدم مصالح استراتيجية، وذلك من خلال التركيز على جوانب معينة من الصراع الديني لتبرير التدخلات العسكرية والسياسية. وفتح الباب أمام انتشار الفكر المتطرف، وتأجيج هذه الظاهرة بدلًا من مكافحتها.
مقدماً تحليلًا لدور القوى الغربية في إعادة تشكيل الخارطة السياسية والدينية.
وفي حديث خاص لجريدة حمص تحدث الكاتب الأستاذ يزيد ” إن الكتاب يتناول نظرية أو أطروحة وضعتها خلال السنوات الماضية ضمن إطار اهتمامي في موضوع التطرف الديني، وخدمته للمشاريع السياسية المعادية لمنطقتنا وشعوبنا. وعليه وبعد تعمق في التاريخ والمعطيات، وتأمل في السياسات وربطها بأسبابها ومعانيها.. توصلت لفكرة مفادها أن التطرف الديني بمختلف تجلياته (إسلامي او مسيحي أو يهودي) خلال القرن العشرين وصولاً ليومنا هذا، هو مشروع سياسي غربي. وهنا في الكتاب أضع هذه النظرية موضع البحث، وأعمل على توضيحها وتحليلها منهجيا وإثباتها. خاصة وأننا كشعوب عربية وخاصة في سوريا اكتوينا بنار الربيع العربي المدمر، والذي لا يمكن إغفال دور التطرف فيه، وهنا أضع أمام القارئ سلسلة من المعطيات التاريخية توضح له كيف تم التخطيط لهذا الربيع، وعلى أي مرتكزات علمية من خلال علوم النفس والاجتماع وتطور الدماغ، إضافة للعلوم السياسية، وتحديدا الجيوبولتيك والاجتماع السياسي، في سابقة على ما اعتقد للجمع بين هذه العلوم لانتاج اطروحة واحدة.”
يُعد هذا الكتاب إضافة قيمة للمكتبة العربية في مجال الدراسات السياسية والاستراتيجية، ويقدم رؤية شاملة وموضوعية حول العلاقة بين السياسة الدولية والإرهاب، ويسلط الضوء على الجوانب المعقدة والمتشابكة لهذا الموضوع الحساس.
اترك تعليقاً