آراء حرة

مطران الشباب.. في حمص

لا بوعظة رنانة، لاهوتية، فلسفية، زردشتية، فضائية، سماوية ..

ولا بصولجان مذهب طويل قصير عريض ..

ولا بعصا موسى، ولا كرسي فرعون، ولا بسيارة ملوك أطول من ساعة كرجية في حمص … ولا بسائق أو مدير مكتب أو تكلف أو تزلف

بحب وتواضع وجلسة وضحكة وكاسة متة، مع شبيبة غارقة، مع شبيبة متعطشة مع رعية متغربة وغريبة عن الكنيسة، استطاع هذا المطران الشاب من التربع على عرش قلوب الحماصنة

كلاكيت كتابي :

لنذهب للمشهد الأول في مسيحيتنا مع المعلم الأول مع فادينا يسوع المسيح، ونتسائل كيف خطف قلوب العامة، كيف كسر كل التابوهات التي كانت ، كيف تجرأ وجلس مع العشار، كيف سامح الزانية ، كيف جلس مع الجموع وأطعمها، كيف دخل لبيت زكا.

الفعل الأول لمعلمنا الأول كان التواصل مع الناس، الإصغاء لهم، التواصل المباشر، ثم التوجيه والتعليم

أليس أول فعل له بعد القيامة كان التواصل مع محبيه، مع مريم والتلاميذ

– فعل تواصل ومحبة يُغنيك عن فصاحة ديكارت وتوما الأكويني ، تواضع وجلسة ودية تشبعك أكثر من أية دروس لاهوتية

شباب اليوم لاتريد إلا صديق، تريد من يستمع جيداً .. يتواجد، يسأل، يرأف


مايقوم به مطران حمص من أفعال يومية هو ثورة محبة لمسنا الكثير منها هنا في رعية الإمارات، لذلك صدمة الرحيل عن شباب ورعية الإمارات مازال صداها كبير

ولكن برحلتي الصغيرة إلى حمص واحتكاكي المباشر مع الشبيبة هناك، من خلال مخيم لبضعية أيام، وماشهدت وعاينت ولمست، أدركت الحكمة الكبيرة بتواجد المطران غريغوريوس خوري في هذا المكان وفي هذا الزمان.

واستطعت من خلال البريق في عيون الشبيبة بعد جلسة مسائية، في الساحة الخلفية لدير ما جرجس الحميرا، أن أعلم كم كانت هذه الوجوه بجاجة لهذا الشاب اللاذقني الباسم ، بجلسة كان من المفترض أن تكون لمدة 60 دقيقة فقط ، وأن تكون مخصصة للإعلام، إلا أن جلوسه معنا على الأرض مع ابتسامته الدائمة وحبه الكبير، أخذ النقاش يستمر حتى منتصف الليل، ولولا نداء الجرس الأخير لما تركت الشبيبة النوم يعرف طريقه للمطران ولنا .

لا أريد في هذه السطور إلا القول :

في كنيسة اليوم، ومع وجود الكثير من التحديات التي نعلم بعضها، يكفي في البداية أن نتواصل، نحب ، وأن نكسر كل الحواجز بيننا ، لأن كل الأشياء تعمل للخير

الإعلامي ميلاد موسى

اترك تعليقاً