ثقافة

الموسيقا الكنسية

أقام الملتقى الثقافي اليسوعي ضمن إطار نشاطاته الدورية يوم أمس الثلاثاء 15 تشرين الأول، ندوة بعنوان “الموسيقا الكنسية (السريانية –البيزنطية- اللاتينية)” قدَّمها الباحث الموسيقي “رامي درويش” في كنيسة “دير الآباء اليسوعيين” حيّ “بستان الديوان” حضرها جمعٌ من المهتمين.

أوضح المحاضر “درويش” في بداية حديثه أن الهدف المقصود من هذه المحاضرة هو تعزيز الأداء المعرفي الواعي، لطقوس القداس الإلهي أو ما يعرف كنسياً بمسمى “الليتورجيا” بما يتضمنه من الصلوات والتراتيل والموسيقا المؤداة فيه. ليتمكن المؤمنون من معرفة ما يؤدونه في صلواتهم عن معرفة وإدراك بعيداً عن نمط الاعتياد والتكرار. كما شرح بأنَّ الدين -أيَّاً كان- هو مبنيٌ على ركيزتين أساسيتين هما (العقيدة- الطقوس) ومن هنا كانت تلك المحاضرة لتعريف الطقوس المتَّبعة ضمن كلِّ كنيسة مسيحية.

بعد ذلك انتقل الباحث “رامي درويش” للحديث عن المحاور الأساسية التي تتضمنها المحاضرة والتي شملت في البداية لمحةً تاريخية عن دور الموسيقا في الخدمة الليتورجية في تحقيق السمو لروح المصلِّين أثناء القدَّاس وخاصَّة في وقت تناول الذبيحة الإلهية، موضِّحاً بأنَّ طقوس الخدمة الكنسية تشكَّلت خلال الفترة ما بين القرنين السابع والثامن الميلاديين وانتشرت في عموم بقاع الأرض حيث كان الانتشار المسيحي موجوداً، وبأنَّ اختلاف عناصر الثقافات بين الشعوب كاللغة والتراث قد ترك أثره على اختلاف الطقوس المتبَّعة في القدَّاس لدى كلِّ شعب على حدة، وكيف تُرِكت مسؤولية اختيار طقس القدَّاس لكل كاهن رعية.

المحور الثاني تناول فيه الموسيقا الكنسية السريانية متحدِّثاً عن تاريخ ظهورها بعد عام 313 م الذي شهد إعلان المرسوم القيصري الذي أصدره “القيصر قسطنطين” والذي سمح للمسيحيين أن يمارسوا طقوسهم الدينية بحرية وعَلَن؛ وعليه بدأت “الليتورجيا” بالتشكُّل لدى أبناء الكنيسة السريانية الذين كانوا بالأساس آراميين ولكن مع اعتناقهم المسيحية أصبحوا يعرفون بالسريان، فأخذوا من التراث الآرامي معظم طقوس قدَّاسهم، إضافةً لاقتباسهم 8 مقامات موسيقية تشكَّلت منها فيما بعد الموسيقا الليتورجية السريانية.

الموسيقا الليتورجية البيزنطية كانت هي المحور الثالث الذي تناوله الباحث ” رامي درويش” في حديثه، حيث بيَّن أنَّ “بيزنطة” هي القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية وعاصمتها مدينة “القسطنطينية”. لذا، فإنّ القداس الإلهي في منطقة بلاد الشام، ومع بداية القرن العشرين الماضي أصبحت طقوسه تقام باللغة العربية بعدما كانت تؤدَّى باللغة البيزنطية. كذلك، تحدَّث عن خصائص تلك الموسيقا الليتورجية والتي تقوم على ثنائية العنصر اللحني القائم على صوت المرتل إلى جانب صوت (الإيسون) والذي يؤديه أشخاص محترفون، وهذا هو الاختلاف بينها، وبين الموسيقا الليتورجية السريانية التي تعتمد على صوت المرتل (الكاهن) بمرافقة صوت أحادي الطبقة الصوتية والذي يقوم به المصلون إلى جانب البساطة في اللغة. الفرق الآخر بين المدرستين الموسيقيتين هو اعتماد الموسيقا السريانية على المقامات الشرقية، بينما تعتمد المدرسة البيزنطية على المقامات المعروفة في التراث البيزنطي.

المحور الأخير الذي تناوله المحاضر “درويش” كانت الموسيقا الليتورجية اللاتينية، والتي نشأت بحسب كلامه أيام “البابا غريغوري” بعدما لوحظ اختلاف الطقوس الليتورجية بين شعوب المنطقة الأوروبية نظراً لوجود أعراق وثقافات عديدة، مما استدعى منه الإيعاز لإنشاء مدارس تختص بتدريسها، كما أنَّها اختلفت عن المدرستين السابقتين، بمرافقة آلة “الأورغن” للكهنة والمرتلين أثناء القداس؛ وسبب ذلك الأمر يعود إلى السعة الكبيرة التي كانت تتمتع بها الكنائس المشيَّدة والمستوحاة من ثقافة الإمبراطورية الرومانية التي اشتهرت بمسارحها الضخمة، ولعدم وجود جوقات كنسية مثلما هو الأمر في القداس البيزنطي، مما استدعى وجود داعم صوتي يساعد على وصول صوت المرتِّل (الكاهن)، إلى مسامع المصلِّين في كلِّ أرجاء الكنيسة.

في نهاية المحاضرة قدَّم الباحث شواهد بصرية وسمعية أوضحت الخصائص التي تحدَّث عنها لكل مدرسة موسيقية، والاختلافات بين تلك المدارس الليتورجية الثلاث السابق ذكرها، ومجيباً عن المداخلات التي أدلى بها الحضور.

ننوه إلى أن الباحث “رامي درويش” من مواليد “حمص” عام 1975 وهو خريج المعهد العالي للموسيقا من “دمشق” سنة 2002 وعضو الهيئة التدريسية في كلية التربية الموسيقية بجامعة “البعث” بمرتبة مدير أعمال وحائز على شهادة الأداء الوظيفي المتميز عامي 2014 و2017، كما أنه عضو في نقابة الفنانين في “سورية” وشغل منصب أمين سر فرع حمص من عام 2006_2014.

له مشاركات في العديد من المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية، إضافة لورشات عمل تخصصية داخل “سورية” وخارجها.

عن الكاتب

حسان ابراهيم

حسان سليم إبراهيم
_ مواليد مدينة حمص عام 1976 خريج المعهد المتوسط للصناعات التطبيقية.
_ اتبع عدة دورات تخصصية في مجال الإعلام الالكتروني والرقمي، إلى جانب دورات تخصصية في مجال الإعلام التلفزيوني والإذاعي.
_يعمل حاليا كمراسل صحفي في موقع مدونة وطن eSyria منذ عام 2018. زميل لموقع سناك سوري.
_ عضو مشارك في اتحاد الصحفيين منذ عام 2022.

اترك تعليقاً