إن كنت تبحث عن أسبوع عادي، فتوقف هنا. لا تكمل القراءة. لأن ما جرى في حمص لم يكن مجرد أسبوع روحي، ولا مجرد نشاط كنسي. كان أشبه بحالة ولادة جديدة، أو لنقلها بصراحة… كان انقلابًا كنسيًا بكل ما للكلمة من معنى، لكن من النوع الذي يجعلك تؤمن أكثر، تحب أكثر، وتتشبث أكثر بهذا البيت الذي اسمه كنيسة.
اليوم الأول : نفتح الأبواب… وخلّيها مفتوحة!”
في البدء، كانت الكنيسة تفتح أبوابها… لا، لم تكن تغلقها أساسًا!
المطران غريغوريوس قرر أن حمص لا تحتاج إلى كنيسة تنتظر الناس، بل كنيسة تذهب إليهم، تفتح قلبها قبل أبوابها، وتعطي قبل أن يُطلب منها.
أول يوم؟ انطلاقة لا تشبه إلا يوم “ليكن نور!”… والنتيجة؟ نور في العيون، وناس يدخلون ليس فقط ليصلّوا، بل ليبحثوا عن معنى جديد.
وكان مساء وكان صباح، يوم جديد.
اليوم الثاني: “الكنيسة ليست مستشفى، لكنها تضمّد الجراح”
في العادة، حين تسمع عن “محاضرات طبية”، تفكر في قاعة مملّة وأطباء جديين جدًا، لكن لا يا صديقي! هنا، الطب لم يكن فقط وصفات دواء، بل كان علاجًا للقلب قبل الجسد. مشهد غريب؟ ربما. لكن حين ترى طبيبًا ينصح، وكاهنًا يصلّي، ومريضًا يبتسم رغم الألم، تفهم أن العافية ليست جسدًا سليمًا فقط، بل روح تعرف أنها ليست وحدها في المعركة.
وكان مساء وكان صباح، يوم جديد.
اليوم الثالث: “عطشان؟ عندي لك ماء مختلف!”
الماء؟
لا تتوقع قوارير معدنية هنا، ولا مياه معبأة من نهر العاصي العنيد .
بل كلام حيّ يروي العطش الحقيقي. يوم تأملي، نقاشات روحية، وأسئلة لم يكن أحد يجرؤ على طرحها من قبل. والأجمل؟ لا أجوبة جاهزة. بل بحث مشترك عن الحق، وكأن الإنجيل لم يعد كتابًا يُقرأ فقط، بل تجربة تُعاش.
وكان مساء وكان صباح، يوم جديد.
اليوم الرابع: “ميكروفونات؟ كاميرات؟ لا يا حبيبي، نحن شهود!”
أعترف… كنت أعتقد أن الإعلامي ينقل الحدث فقط. لكن ما جرى جعلني أشعر أن الإعلامي المؤمن هو جزء من القصة، لا مجرد راوي لها. الإعلام هنا لم يكن تغطية، بل مشاركة، شهادة. فريق كامل يعمل، ليس ليلتقط “صورة جميلة”، بل ليترك أثرًا أجمل في النفوس.
وكان مساء وكان صباح، يوم جديد.
اليوم الخامس: “اللي عنده يعطي… واللي ما عنده؟ يعطي أكتر!”
العطاء؟ لا، ليس من الجيوب فقط، بل من القلب أولًا. في هذا اليوم، لم يكن هناك فقراء فقط، بل أغنياء تعلموا أن العطاء هو أن تعطي مما تملك، حتى لو كان ابتسامة أو دعاء. الكنيسة تحوّلت إلى مائدة مفتوحة، والنتيجة؟ الجميع أكل، لكن الأهم… الجميع شبع، شبعوا حبًا وانتماءً.
وكان مساء وكان صباح، يوم جديد.
اليوم السادس: “الصليب في الشوارع… والمسيح في الوجوه”
نسير في الدرب، كأننا هناك… أورشليم؟ لا، حمص. لكن الصليب هو الصليب، والألم هو الألم، والأمل هو الأمل. مشهد مهيب؟ جدًا. لكن الأهم؟ الناس فهموا أن الصليب ليس فقط قصة حزن، بل وعد بالنور الذي يأتي بعده.
وكان مساء وكان صباح، يوم جديد.
اليوم السابع: “ورأى الله أن كل شيء حسن جدًا… والناس أيضًا!”
سبعة أيام… مرت كأنها لحظة. لكن الأثر؟ لا يمضي. حمص ليست كما كانت، والناس ليسوا كما كانوا ابتسامات جديدة، إيمان متجدد، قيادة شابة قابلة للآخر ومتواصة مع الرعية ، وكنيسة أثبتت أنها ليست فقط بناءً حجريًا، بل حياة يومية.
وهكذا، انتهى الأسبوع… أم ربما بدأ شيء جديد؟
وكان مساء وكان صباح… وهذه بداية أخرى!
اترك تعليقاً