قدم الأديب والناقد والمترجم حنا عبود محاضرة عنوانها “التحولات الكبرى للرواية”، وذلك يوم الثلاثاء 15 أيلول 2021 في اتحاد الكتاب العرب، بحضور رئيس اتحاد الكتاب الدكتور محمد حوراني الذي قدم خصيصا لحضور الأستاذ عبود، وأمام جمهور من مثقفين وأدباء وشعراء.
وكان الناقد حنا عبود قد اعتلى هذا المنبر ردحا طويلا من الزمن محاضرا، وعاد اليوم بعد غياب طويل.
بدأ الناقد عبود حديثه شارحاً كلمة التحولات، وقد سادت النظرية التي أبرزت نشوء الأدب من قصص تموز وعشتار مدة من الزمن، واعتمد عليها عبود كثيرا. لكن فيما بعد طرح على نفسه سؤالاً أثناء ترجمته لإحدى الروايات الأمريكية: هل الأدب نشأ من الهياكل؟ ومن أين جاء اعتماد الطقوس عليها؟ فاستنتج أنَّ البشرية تعرضت لثلاث ثورات: زراعية وصناعية ومعلوماتية، واعتبرهم أكبر ثورات حدثت وكان لها تأثير أكثر مما أحدثته الثورات الفرنسية والروسية والأمريكية.
واعتبر الأديب حنا أنَّ الرواية شعراً وأدباً ومذاهب، بدأت مع الصيد وما يتبعه من لباس ومسكن وقوت وأدوات يشكل رواية ومسرحية كاملة، فالأقصوصة تبدأ بجوقة وأغانٍ بعد عودة الصيادين من رحلتهم فتقوم الاحتفالات وتقرع الطبول لإعلام الناس بعودتهم، واضعين على وجوههم الأقنعة على شكل رؤوس حيوانات، والغابات كثيفة حولهم وتروَى أشعار ومسرحيات كاملة متخذين من الخيام والكهوف مساكن لهم، وفي الاجتماع الليلي يسردون القصص بأسلوب شائق.
وهكذا فإن بدايات القصة والرواية كانت في مرحلة الصيد، ثم جاءت مرحلة الهياكل الدينية فيما بعد.
ثم انتقل للحديث عن الثروة الزراعية واعتمادها على المرأة حيث ألقت على عاتقها كل شيء، وحتى المحراث كان اختصاصها ومع مرور الزمن اكتشفوا سرعة الحصان فاستخدموه في الحروب وسيطروا على كامل المنطقة وحولوا الآلات الزراعية إلى بدائية فظهرت الملاحم مع الرحلات وكتاب الروايات ومنها رواية “جول غابرييل فيرن” البحرية والبرية وغيرها.
بينما لفت المحاضر إلى أنَّ العمل السردي والدرامي والشعر والرواية نشؤوا من الملاحم القديمة، فالإلياذة والأوديسة كلاهما رحلة من اليونان إلى طروادة، مبيناً أن تحولات العصر الزراعي كانت مع فتوحات الإسكندر المقدوني عندما أصبحت بعد الرحلة في القصة والرواية والمسرحية وبات كل ما يكتب عن الأيام الماضية يطلق عليها مصطلح “الإسكندري” حيث كان القصاصون أو الشعراء يدونون معالم المدينة الجديدة.
ثم تابع الأديب عبود حديثه عن العصر الوسيط ففي المرحلة الأولى منه ظهر أدب الفروسية والشهامة فأتت روايات الفروسية في أوربا، أما المرحلة الثانية فسادت فيها قصص الحب وأكبر مثال طرحه رواية “أوكسان ونيكوليت”، ويطلق عليها الأدب الإسكندري.
بينما التحولات الكبرى بدأت فيما بعد في الأسلوب اليوناني الواقعي وخير من تناولها في أعماله المسرحية الكاتب فرحان بلبل. وهي تحكي عن خيال بلغة واقعية رومانسية وليست قصة تخيل. ثم اتجهت الرومانسية كردة فعل على الصناعة فظهرت التحولات في الأدب ومنها روايات لامارتين وإميل زولا ورافيل مستخدمين أسلوبهم الساخر خاتماً.
أما ثورة المعلوماتية الأخيرة فقلبت العالم رأساً على عقب.
وفي نهاية المحاضرة تحدث رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد حوراني عن الأستاذ حنا عبود وفخره به، فقد تعلم منه وقرأ له الكثير، منوهاً أنه امتلك أدواته بإتقان شديد، ربما لا يمتلكه إلا القلة القليلة من كتاب وباحثين يعيشون بيننا.
من جهتها رئيس فرع حمص لاتحاد الكتاب أميمة إبراهيم قدمت خلال حديثها بعض التساؤلات، مؤكدة أن الناقد حنا يعتبر أهم من قال الشعر، وله مؤلفات عديدة في النقد والفكر والفلسفة والسياسية والأدب والترجمة.
اترك تعليقاً