عادة تكون الملاحم في أرض المعارك ، لكن هذه المرّة ، كانت الملحمة مختلفة من حيث الميدان، ومن حيث أطرافها ، فميدانها التاريخ وثقافته والأدب والترجمة.. وأطرافها محبو هذا الميدان، فالطرف المقابل هو تاريخ أجدادنا وتراثهم الثقافي والمادي ..
لقد فتحتْ ترجمةُ لوحة دير مار برصوم، في بلدتنا ،،صدد،، (جنوب شرقي حمص وسط سورية)، شهيتَنا لمزيد من إلقاء الضوء على تراثنا، سواء المهمل منه أم الذي ألقي الضوء عليه سابقاً بطريقة مختلفة قليلاً6، ولم تكتمل .
هذه المرة تناول جهدنا والإنجاز [ترجمة د. روضان وتصوير فرج] ثلاث لوحات على 3 أبواب مكتوبة بالكرشوني [الخط سرياني واللفظ عربي] وقد تم تسليمها لتلك الكنائس منذ أسبوع .
وفي التفاصيل ..
أولاً – لوحة مار جرجس -بالكرشوني وترجمتها الحرفية :
((قد ألقا الرب الغيرة في قلب المؤمنين وشيدوا هذا البناء الله يآئجرهم – ٥أيلول ١٩٢٣))
* لم يتطرق لهذه اللوحة سابقاً أحدٌ من المؤلفين الثلاثة الصديين (الخوري إبراهيم دنهش في كتابة اللؤلؤ المنتضد، والشماس حبيب العرب في كتابه صدد في التاريخ، والأستاذ تادروس طراد في كتابه صدد بين الماضي والحاضر) ولا المؤرخ الألماني أنطون بومشتارك في كتابه “مسيحيو الشرق” وهو كتاب تاريخي طبع عام ١٩٤٠ وقد زوّدني بنسخة إلكترونية عنه الأخ حسان صطوف مشكوراً، ولا غيرهم وليس لها صورة في أي من كتبهم ..
بل إن تاريخ الترميم الوارد فيها ١٩٢٣ لم يكن ضمن تواريخ الترميم المذكورة في كل الكتب السابقة، وكان مدعاة استغراب.. محتواها يشبه بالمعنى ما ورد في جزء من لوحة مار تيوادروس.
ثانيا -لوحة مار سركيس و باخوس -مكتوبة بالكرشوني..
((يا طالب الدنيا و راجي
الغناه، اترك الأموال
وارغب في الصلاه قبل
عنك أناس رغبوا في
الأموال. راحوا مثل
الرماد طاير في الهواه
.. قد انبنى وانعقد هذا الباب في تشرين أول ١٥سنة ١٩١٠مسيحية
وإلى جانبها الأيمن كُتبت حكمة بالكرشوني أيضاً
((رأس الحكمه خوف الله))
وتشير هذه اللوحة إلى تاريخ بناء الباب الغربي للباحة الملاصقة، أيضا لم تذكر في جميع الكتب السابق ذكرها ولم تترجم أو تنقل إلى العربية سابقاً، على الرغم من وجود صورة لها في كتاب الأستاذ تادروس دون ترجمة… وكذلك فإن تاريخ بناء ذلك الباب ووضع اللوحة عليه بالكرشوني وهو عام ١٩١٠ أيضا لم يتطرق إليه أحد من السابقين عند ذكر الترميم والتجديد !!؟؟ ..
مع ملاحظة أن محتواها بالكرشوني يشبه بالمعنى جزءاً مما ورد في لوحة مار برصوم في الجزء العربي منها وجاءت بعده بحوالي ٣٣سنة.. (للتذكير لوحة مار برصوم ١٨٧٧).
ثالثا -لوحة مار تيواداروس وكتب عليها بالكرشوني:
((في سنه ١٧٤٥ ابتنت هذه كنيسة الشهيد تادروس
وفي سنة ١٨٨٥م قد تلاشى بناها فألقى الله الغيرة
في قلب شعبها و همّوا بتجديدها، وبعونه تع (تعالى) بلغت
الكمال وذلك في أيام مار أغناطيوس بطرس الرابع. وكان مهتماً ومحركاً لغيرة الشعب غريغوريوس المطران
عبدالله الصددي وموسى ابن شم (الشماس) جرجس النجار وكان مهتماً في بناها وجميع نجارتها مجاناً، اذكر يا رب لكل من له تعب و شركه في بناها مع سائر أمواتهم آمين سنة ٢١٩٦يونانية)).
لقد تم ترجمة هذه اللوحة بالمعنى من قبل الملفونو حبيب العرب ، واستقى منها الأب ابراهيم دنهش تاريخ الكنيسة دون أن يترجمها أما الأستاذ طراد فقد ترجمها بشكل شبه كامل إلاّ أنه (أغفل ترجمة السطر الثاني ونصف الثالث؟!)
وكانت ترجمتي حرفية كلمة بكلمة وحرفاً بحرف… ولذلك ذيّلناها ب”تقدمة ” وليس ترجمة فلهم قصب السبق في ذلك
وجزاهم الله خيرا عما سعوا إليه وقدموه…
وما غايتنا إلاّ الإضاءة على تاريخ بلدنا وبلدتنا ،،صدد،، وتيسير اطلاع الأجيال عليه، ثم رضى الله والقديسين الذين سميت الكنائس على أسمائهم ..لا نسعى لشكر لكن لدعاء ..
د. روضان عبداللطيف، فرج إسكندر
سعد الله بركات
اترك تعليقاً