مقدمة:
هذا العرض البسيط لتاريخ حمص يحمل سرداً موجزاً لنشأتها وحتى ظهور المسيحية فيها، بالإضافة إلى عرض العوامل التي عملت على تأخر الانتشار المسيحي والأخرى المساعدة، هذه العوامل التي لعبت في غالبها الدورين معاً، فيستمر السرد حتى وصولنا إلى استشهاد القديس إيليان الحمصي، ليكون الغرض إيضاح كيفية دخول المسيحية هذه الأرض الطيبة، وقد تمّ الاعتماد بالكامل على ما دوّنه الخوري عيسى أسعد ببحثه حول تاريخ حمص الذي صدر عام 1940، والاستعانة أيضاً بكتاب تاريخ مدينة الله أنطاكية العظمى للأستاذ أسد رستم.
ولادة حمص:
يعود تأسيس مدينة حمص التاريخية إلى ما قبل القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد بحسب المؤرّخ الخوري عيس أسعد، حيث يذكر أنها كانت مسكونة بالعديد من القبائل المتبدية ومن الأموريين والهكسوس (الرعاة الذين أنهوا حقبة الفراعنة) والعماليق وغيرهم الكثير، وذلك نظراً لموقعها الهامّ والاستراتيجي فهي السهل الأول والأوسع القريب من نهر العاصي على الطريق التجارية بين إفريقية وآسيا الصغرى، وهناك معالم كثيرة وآثار مستخرجة تدلّ على هذا العمق التاريخي الثمين لمدينة حمص.
حمص منذ نشأتها وحتّى دخول المسيحية:
ولا بد في هذا السياق من الحديث بعض الشيء عن الحقب التاريخية التي مرّت بها حمص ولكن بإيجاز، فقد تتالت على العديد من الدول التي حكمتها منذ نشأتها، فالمصريون والرعاة والحثيون والمطانيون في القرن العشرين حتّى القرن الثالث عشر، ومن ثمّ الفينيقيون والعبرانيون والآراميون حتّى القرن الثامن، والآشوريون والكلدانيون والفرس حتّى القرن الرابع، والسلوقيون الذين انشقوا بعد مقتل الإسكندر الكبير وحكموا حمص حتّى العام 80، وكلّ هذه الأعوام والقرون التي ذكرتها إنّما قبل الميلاد. وبعد العام 80 ق م حكم حمصَ حكومةٌ وطنيةٌ، وأوّل الأمراء الذين حكموا هذه الفترة هو سمسيغرام الأول على الأرجح، وكان آخرهم سهيم بن سميسغرام الثاني الأمير الحمصي الثامن، ففي العام 79 للميلاد سيطرت الدولة الرومانية على حمص، وبعد أن انضوت حمص تحت لواء روما، ونتيجة شجاعة الحمصيين العارمة أدخلوا الجيش الروماني، ومن أبرز نتائج التجييش الحمصي ظهور قياصرة حمصيين وأباطرة من أصل حمصي كالإمبراطور إسكندر سيفروس، ومن القياصرة سبتيموس سيفيروس (زوجته جوليا دومنة) وكراكالا بن سبتيموس وجوليا دومنة، وثالث القياصرة الحمصيين كان إيليو كابال، ومن بعده إسكندر سيفيروس الثاني آخر هؤلاء القياصرة، وبعد هذه الحقبة من حكم القياصرة الحمصيين، انتقلت حمص إلى الحكم التدمري عام 236م حتّى العام 273م.
اترك تعليقاً