الإرشاد النفسي بمفهومه العام الواسع قديم قدم العلاقات الإنسانية، فمن طبيعة الإنسان عندما تواجهه مشكلة شخصية أن يخبر أصدقائه أو والديه، فيلقى مشاركةً وجدانيةً وتقبلاً واحتراماً، إلا أن أصول هذا العلم تمتدّ إلى القرن التاسع عشر، حوالي عام 1880م، ومن الممكن قبل ذلك.
كان ظهور الإرشاد النفسي استجابة للظروف الاقتصادية والاجتماعية، وماترتب عليها من مشكلات، فقد أدّت الثورة الصناعية وإحلال الآلة محل العامل، إلى استغلال أصحاب الأعمال للعمال، وإلى عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى مظاهر الفقر والظلم والفساد، مما دعى المعنيين بالأمر إلى البحث عن علاج العيوب الاجتماعية التي نتجت عن هذا التحول الصناعي، ونادوا بضرورة استئصال الأسباب الحقيقية للفقر والجهل والجريمة.
وكان هذا المناخ الذي أوجدته حركة الإصلاح الاجتماعي قد عمل على نشأة الإرشاد النفسي، وتيسير أموره.
أما في الآونة الأخيرة فقد أصبحت الحاجة تتزايد بشكل أكبر للإرشاد النفسي، حيث أنها كانت تهتم بمساعدة الأفراد على التوافق، ثم نمت وأصبح هدفها مساعدة الفرد على النمو إلى أقصى حد تحققه إمكانياته وقدراته، حتى يتمكّن من أداء دوره بشكل فعال.
والفرق بين الإرشاد النفسي وعلم النفس هو أن الإرشاد النفسي أحد فروع علم النفس الذي يعنى بالجانب التطبيقي، ويساعد الأفراد على معالجة مشاكلهم، والوقاية من بعض المشكلات المتوقعة، أو تنمية مهارات أساسية مثل (مهارات التواصل الفعال).
اعتبر البعض أن الإرشاد هو ركنٌ أساسيّ في برامج إعداد المعلمين، ومنهم من قال أنه حاجة أساسية لكل فرد، حيث يمر الفرد خلال مراحل نموه بفترات حرجة يحتاج فيها إلى الإرشاد النفسي.
يعد الإرشاد النفسـي مجموعة من الجلسات الإرشادية سواء أكانت فردية أم جماعية تهدف إلى إعادة الدافعية للحياة لدى العميل وتدريبه على الثقة بالنفس والقدرة على التكيف في البيئة التي يعيش فيها، وتمتاز هذه الجلسات بإتاحة الفرصة للعميل بالتأمل والتفهم. ومع التطور الحالي في العالم، وكثرة التغيرات التي حصلت، وتعدّد مصادر الحصول على المعلومات، وتعدد أنواع الثقافة، وتطور التعليم، وتنوع المهن، وزيادة الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وتعدد الأمراض، استدعت الحاجة إلى تعدد مجالات الإرشاد النفسـي، حيث شملت الإرشاد الأسري، الإرشاد المهني، الإرشاد التربوي، الإرشاد الزوجي، الإرشاد الجماعي، وإرشاد ذوي الحاجات الخاصة.
وتعد زيادة اضطراب السلوك سبباً في وجود الإرشاد النفسـي والعلاج النفسي مما أدى إلى وجود مصطلح جديد في الإرشاد وهو (الإرشاد النفسي للعافية والوقاية)، وهذا يعتبر نوع من أنواع الإرشاد النفسي، ولوجود قصور في هذا المجال في المؤلفات العربية، فقد تمت ترجمة كتاب الإرشاد النفسي للعافية والوقاية “لروبت كونين”، لما لهذا الكتاب من دور في استكمال المكتبة العربية في العافية والإرشاد الوقائي، إذ أن هذا النوع من الإرشاد يساعد الفرد على الوعي والاستبصار في جميع مجالات الحياة.
عرفت الجمعية الأمريكية الإرشاد النفسي أنه عبارة عن الخدمات وفق مبادئ متفق عليها من قبل علماء النفس المختصّين بعلم النفس الإرشادي وذلك لدراسة السلوك الإنسـاني خلال مراحل النمو المختلفة، سعياً لمساعدة المسترشد لتأكيد الجانب الإيجابي في شخصيته، والعمل على مساعدته ليكون أكثر تكيفاً مع نفسه وبيئته، ويقوم الأخصائي النفسي بتدريب المسترشد على أساليب حلّ المشكلات، وكسب القدرة على صنع القرار، ويقدم الإرشاد لجميع الأفراد في مختلف المراحل العمرية في مجالات عديدة مثل المجال الأسري، والمدرسي، والعمل.
هل يمكن لأهداف الإرشاد النفسـي أن تلعب دوراً هاماً في حياة الفرد؟
تعددت مناهج الإرشاد النفسـي فمنها النمائي والوقائي والعلاجي وكل هذه المناهج تهدف إلى مساعدة الفرد على الوعي الذاتي، والاستبصار، والقدرة على التكيف، والمناعة النفسية، وفيما يأتي أهم الأهداف للإرشاد النفسـي.
تحقيق الذات، تحقيق التوافق (التوافق البيولوجي، الاجتماعي، النفسي الشخصي)، تحقيق الصحة النفسية، تحين العملية التربوية.
المراجع:
-أحمد أبو أسعد(2012)، علم النفس الإرشادي (الطبعة 2)، المملكة الأردنية الهاشمية: دار المسيرة، صفحة 9-19.
-أحمد أبو أسعد، رياض الأزايدة (2015)، الأساليب الحديثة في الإرشاد النفسـي والتربوي، (الطبعة 1)، المملكة الأردنية الهاشمية :مركز ديبونو لتعليم التفكير، صفحة 23، جزء1.
-سهام أبو عيطه، محمد الخوالده (2019)، الإرشاد النفسـي للعافية والوقاية (الطبعة 1)، المملكة الأردنية الهاشمية: دار الفكر، صفحة 5.
-أحمد أبو أسعد، (2015)، المهارات الإرشادية (الطبعة 3)، المملكة الأردنية الهاشمية: دار المسيرة، صفحة 15.
–أحمد أبو أسعد(2012)، علم النفس الإرشادي (الطبعة 2)، المملكة الأردنية الهاشمية: دار المسيرة، صفحة 32.
يانا البيطار
اترك تعليقاً