جريدة حمص في التاريخ منذ 1909 وحتى 2012
برزت الفكرة عند ابن مدينة حمص الخوري عيسى أسعد الكاهن في أبرشية الروم الأرثوذكس في حمص-مؤلف كتاب “تاريخ حمص” الشهير- بضرورة إنشاء جريدة في المدينة تكون لسان حالها وهمزة الوصل بينها وبين أبناء المدينة وإخوانهم المغتربين، وتبلورت الفكرة وأصبحت حقيقة عندما تبرّع المغترب الحمصي بشارة محرداوي المقيم في البرازيل بمطبعة خاصة بالجريدة، وحصول مطرانية الروم الأرثوذكس على الرخصتين الرسميتين للمطبعة والجريدة عام 1909، وتم اختيار أحد المساكن العائدة للمطرانية ليكون مقرّاً للجريدة وبتاريخ 13 تشرين الثاني عام 1909، صدر العدد الأول من الجريدة وكان صاحب امتيازها المثلث الرحمات أثناسيوس (عطالله) ميتروبوليت حمص للروم الأرثوذكس، والمدير المسؤول الدكتور كامل لوقا ومحرّر الجريدة قسطنطين يني.
في عام 2001 وبهمة صاحب الامتياز ورئيس تحرير الجريدة الميتروبوليت جاورجيوس (أبو زخم)، تم شراء مطبعة حديثة تواكب التطور الحاصل في مجال الطباعة لتظهر الجريدة بحلة جديدة، حيث تم اختيار مقرّ جديد للمطبعة والجريدة في بناء ثانوية الغسانية الأرثوذكسية الخاصة في حي بستان الديوان، وتم العمل على حفظ أرشيف الجريدة كاملاً بشكل إلكتروني.
ومع بداية عام 2012 توقّف إصدار الجريدة بسبب الحرب في سوريا التي على إثرها تعرّض المقرّ بكافة محتوياته لتدمير كبير، ولكن بفضل غيرة صاحب السيادة الميتروبوليت جاورجيوس (أبو زخم) ومتابعته تم نقل الأرشيف الورقي كاملاً إلى كنيسة سيدة البشارة في حي المحطة لحمايته وحفظه من العبث والسرقة.
تميّزت الجريدة عبر تاريخها الممتدّ لما يزيد عن مئة عام بكونها الحاضن الأهم للثقافة والمثقفين في حمص، فقد نشرت عبر صفحاتها لمعظم الكتاب في حمص وخارجها، وأضحت من أهم الوسائل الإعلامية الأساسية في مدينة حمص، وقامت بدور أساسي في نشر الثقافة والمعرفة وربط أبناء الوطن الواحد في الداخل والمهجر، كما كان لها دور هام في تأريخ الأحداث في مدينة حمص بشكل خاص والوطن بشكل عام، وأصبح أرشيفها مرجعاً لمن يطلبه من مثقّفين ومؤرِّخين وعلماء، إضافة لنقل المعلومة بكلّ صدق وشفافية إلى كافة القرّاء، وكانت تمارس عملها في مختلف الظروف القاسية التي عصفت بالبلاد عبر تاريخ وجودها. وتعتبر جريدة حمص أول صحيفة صدرت في مدينة حمص.
لمحة عن مؤسسي جريدة حمص عام 1909
المثلث الرحمات أثناسيوس (عطالله) ميتروبوليت حمص للروم الأرثوذكس
- وُلِد عام 1853 في لبنان، وسمّاه والداه (أسعد)، وفي عام 1866 دخل مدرسة سوق الغرب الأرثوذكسية الداخلية، التي تلقّى فيها علوم الصرف والنحو والبيان والعَروض والحساب ومبادئ اللغة اليونانية والفرنسية، وقد برع في الموسيقى الكنائسية.
- سيم راهباً باسم أثناسيوس عام 1871 وانتخب ميتروبوليتاً على حمص عام 1886.
- عند تسلمه عصا الرعاية في مدينة حمص لم يكن فيها سوى مدرستين صغيرتين، فأخذ يشيد المدارس بمؤازرة الشعب الغيور ودعم الجمعية الامبراطورية الفلسطينية الأرثوذكسية، حتى بلغ عدد المدارس التي أسسها بحلول عام 1911 ستة عشر مدرسة، للذكور والإناث في المدينة والريف، حتى أصبح في كل قرية من قرى الأبرشية مدرسة خاصة بها.
- أنشأ عام 1896 في حمص أول دار للكتب وأوّل قاعة للمطالعة، وفي عام 1903 أنشأ مستوصفاً لمعالجة المرضى مجّاناً، الذي في عام 2012 تحول إلى مشفى القديسة بربارة. واستقدم مولدات كهربائية للمرة الأولى في حمص عام 1911 وساعة كاتدرائية القديسين الأربعين شهيداً عام 1921.
- كما أسّس أول مسرح في مدينة حمص، والعديد من الجمعيات الخيرية التي لا يزال بعضها قائماً حتّى يومنا هذا.
- توفّي عام 1923 ودفن في ساحة كاتدرائية القديسين الأربعين شهيداً، وفي عام 1929 أقيم له نصبٌ فوق ضريحه، وأطلق اسمه على أحد شوارع المدينة اعترافاً بفضله وتخليداً لذكراه.
الخوري عيسى أسعد
- وُلد في حمص عام 1878.
- تلقّى علومه الابتدائية في المدرسة الأرثوذكسية في حمص، وتعلم اللغات (اليونانية، الروسية، السريانية والعبرية) وتعمّق في دراسة الكتاب المقدس وفي دراسة اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم.في عام 1905 سيم كاهناً في أبرشية الروم الأرثوذكس في حمص.
- أصبح مدرساً في الكلية الأرثوذكسية عام 1908، ودرّس فيها التاريخ وآداب اللغة العربية وفلسفة الدين المسيحي.
- تولى رئاسة تحرير جريدة حمص من عام 1920 وحتى نهاية عام 1931.
- تولى المعتمدية البطريركية في مدينة أنطاكية في الفترة الواقعة بين (1933-1932).
- توفي عام 1949 ودفن في ساحة كاتدرائية القديسين الأربعين شهيداً
كان الخوري عيسى أسعد كاتباً، مؤرخاً وباحثاً ترك للمكتبة المحلية والعربية والعالمية إرثاً كبيراً لا يزال محطّ إعجاب وبحث للكثير من المفكّرين والعلماء والمؤرّخين، من أهم مؤلفاته: تاريخ حمص الجزء الأوّل.