آراء حرة من ذاكرة الجريدة

العيد والتوبة

انتهى العيد ومضت أيامه بفرحها ومرحها، وسرورها وبهجتها. وودَّعناه على أمل اللقاء به في العام القادم. ربما بعد أن مست يدا مولوده قلوبَنا، فتغيَّر ما بداخلنا أو ربما بقينا على حاله وكأنه لم يأتِ ولم يذهب. ربما نكون من هؤلاء الذين تهيؤوا لاستقباله بالصوم والصلاة وقراءة الكتاب المقدَّس أو ربما نكون من أولئكَ الذين تهيؤوا له بتحضير الأطعمة والحلويات ومستلزمات العيد. ربما نكون من هؤلاء الذين جاهدوا ليخلعوا الإنسان العتيق ويلبسوا الجديد بالمسيح يسوع، أو ربما نكون من أولئك الذين تعبوا كثيراً في الأسواق لاختيار ملابس العيد.

وقد نكون من هؤلاء الذين استعاروا مريم لتكون أحشاؤهم مغارة دافئة يولد فيها المسيح، أو نكون من أولئكَ الذين زيَّنوا بيوتهم بمغارةٍ حجرية لا حرارة فيها ولا حياة. ولعلنا نكون من هؤلاء الرعاة الذين سهروا الليالي مجاهدين فاستحقوا أن تبشِّرَهم الملائكة بالمجد العُلوي والسلام الأرضي بولادة المخلِّص، أو نكون من أولئكَ الذين سهروا الليالي رقصاً وطرباً ولهواً على أمل أن يحظوا بلحظة فرح حقيقية أو سلام داخلي. ربما يُكتَب أن نكونَ هؤلاء المجوس الذين قادهم النجم ليسجدوا للملك العظيم ويقدِّموا له قرابينهم ذبيحة مقدَّسة محيية، أو هيرودس الذي قتلَ أطفال بيت لحم بقسوته وجبروته وكبريائه.

ما أروعَ أن نكونَ تلكَ الأقمطة التي احتضنت مسكيناً عرياناً لتدفئه أو فقيراً جائعاً لتطعمه!، أو ربما من أولئكَ الذين أتخموا بطونهم بالمآكل الشهية غافلين عن جائع لسَعَهُ الجوع أو مسكين نهشه العَوَز، ربما نكون من هؤلاء الذين حزنوا مع الحزانى، وتألموا لألمهم فآثروا الاحتفال بتجسد الرب يسوع بهدوء وصمت وبساطة وسكينة، أو ربما نكون من أولئكَ الذين زيَّنوا شرفاتهم ونوافذهم وشوارعهم بالزينات والأضواء متغافلين عن جارٍ فقدَ عزيزاً أو أخ ٍ أضناه المرض فزادوا في ذلك جرحاً على جرح، وألماً على ألم..

وسواء أكنا من هؤلاء أم من أولئكَ فليس المنتهى بعد.. والقديس مرقس الناسك يعرِّف خطيئة الموت بأنها الخطيئة التي لا نتوب عنها. والله نفسه لا يغفر لنا إلا إذا كنا لا نتوب، وكثير من الناس يشعرون بالحزن على خطاياهم، لكنهم يقبلون أسباب هذه الخطايا بفرح.

لذلك علينا أن ننهض بعد كل سقطة إلى أن تحين ساعة الموت، لأنه كُتِب: حيث أجدك هناك أدينك.

وفاء خاتون

عن الكاتب

جريدة حمص

جريدة حمص أول صحيفة صدرت في مدينة حمص – سوريا عام /1909/ عن مطرانية الروم الأرثوذكس لتكون لسان حال المدينة.

3 تعليقات

  • Can I simply say what a relief to find someone who really knows what theyre talking about on the internet. You definitely know learn how to bring an issue to light and make it important. Extra individuals have to learn this and understand this aspect of the story. I cant imagine youre not more fashionable since you positively have the gift.

  • A lot of thanks for each of your work on this blog. My daughter take interest in doing investigations and it is easy to understand why. Most people learn all of the powerful tactic you offer effective suggestions on your web blog and as well recommend response from other people on the concept then our own simple princess has been understanding a whole lot. Take pleasure in the rest of the year. You have been performing a really good job.

  • Thanks so much for providing individuals with a very nice opportunity to read from this web site. It really is so useful and packed with amusement for me and my office friends to visit your site no less than 3 times in a week to study the newest guidance you will have. Of course, I’m also always contented for the special advice you serve. Selected 4 points in this article are really the very best we have ever had.

اترك تعليقاً