ثقافة من ذاكرة الجريدة

مقدمة عن الفسيفساء

الفسيفساء في الفن هي التصوير باستخدام قطع من الزجاج العاتم الملون بألوان مختلفة أو قطع من الأحجار الملونة كالرخام والأحجار الثمينة أو نصف الثمينة

الفسيفساء في الفن هي التصوير باستخدام قطع من الزجاج العاتم الملون بألوان مختلفة أو قطع من الأحجار الملونة كالرخام والأحجار الثمينة أو نصف الثمينة يغمس بعضها بملاصقة بعضها الآخر على طبقة رابطة أو مُثَبِّتَه إما من الإسمنت أو الزريقة الكلسية أو البيتومين. وقد تكون الفسيفساءات منفذة إما على الجدران أو على الأسقف والقباب من الداخل أو على الأرضيات.

تُجمِع المصادر والدراسات أن البدايات الأولى للتقنية التي آلت إلى الفسيفساء فيما بعد كانت في بلاد ما بين النهرين نحو أواخر الألفية الرابعة قبل الميلاد أي (العراق وسورية). وكان السومريون هم أول من توضح هذا الفن على أيديهم كما تُنبِئنا تحفة نفيسة من مدينة أور الكلدان معروفة باسم Standard of Ur أي (علم أو بند أور) والتي تعود إلى النصف الأول من الألفية الثالثة قبل المسيح وهي محفوظة في المتحف البريطاني. وتمثل مشاهد تقديم قرابين ومشاهد حربية واقتياد أسرى وغنائم الحرب.

تراوحت موضوعات اللوحات الفسيفسائية على الأغلب بين الموضوعة الأسطورية في الأدوار الوثنية (حتى نهاية القرن الثالث الميلادي) والموضوعات الدينية بعد القرن الثالث. كما تناولت مواضيع زخرفية هندسية ونباتية وحيوانية لا تخلو من دلالات رمزية معينة،

غير أن القلَّةَ القليلة فقط من هذه الفسيفساءات هي التي خرجت عن الموضوعات الرائجة التي ذكرناها، مشَكِّلة ً بذلك خرقاً لافتاً للتقاليد المألوفة في هذا الفن. وسنقصر حديثنا في البحوث التالية، التي ستنفرد بنشرها جريدة حمص على حلقات متتالية، عن نخبة من هذه الفسيفساءات النادرة التي جادت بها أرضنا العظيمة.

أولاًـ فسيفساء مريمين: ما زالت الأرض السورية تفاجئنا، يوماً إثر يوم، بغناها الذي يدهش حتى أكثر العارفين اطلاعاً على مكنوناتها الإرثية والثقافية. وإلى هذا المؤدَّى أسوق الآن، وفي البداية، واحدة ً من أهم هذه المفاجآت، وهي الفسيفساء المكتشفة في قرية مريمين التابعة لمحافظة حماه حيث كانت تزيِّن أرضية قصر قديم مثلث الأروقة (تريكلينيوم) في موضع القرية المذكورة، ونقلتها المديرية العامة للآثار والمتاحف لتعيد فرشها في أرضية قاعة خاصة أفردت لها في قصر العظم بمدينة حماه (المتحف القديم)، ثم قامت بنقلها ثانية إلى المتحف الجديد بعد إنجاز بناء هذا الأخير حيث تستقر الآن هناك متعةً للناظرين ووثيقةً للباحثين والدارسين.

يمكن إعادة زمن رصف هذه الرائعة بشكل تقريبي إلى أواخر القرن الثالث الميلادي. ويتفرّد هذا العمل، من بين كافة الفسيفساءات المكتشفة حتى تاريخه، بموضوعها الذي تمثله: فهو ليس أسطورياً أو رمزياً أو دينياً أو زخرفياً أو حيوانياً كما هي غالبية الفسيفساءات الأخرى عموماً، بل هو واقعي توثيقي

عن الكاتب

ملاتيوس جغنون

اترك تعليقاً