من ذاكرة الجريدة

نجوم حسب الطلب

في معظم مجالات الحياة إن لم نقل في جميعها يسلك الإنسان في حياته دروباً صعبة طويلة الأمد، ولا يجني ثمار رحلته ما لم يبذل جهوداً مضنية. فحتى لا تبقى الأحلام أحلاماً، ولا تضيع الطموحات والآمال أدراج الرياح على المرء أن يجتهد ويسهر ويتعب… عندها تدخل الأحلام حيّز التنفيذ، وتصير الطموحات أمراً واقعاً. ولولا هذه الجهود المبذولة لما كنا رأينا اكتشافات علمية وإنجازات طبية وإبداعات فكرية واختراعات وابتكارات جديدة مفيدة… وهكذا تتكلل جهود المرء فيصل بإنجازاته الخلاقة وأعماله المتميزة إلى عالم الشهرة، ويذيع صيته في كافة الأرجاء ويصير قدوة ومثالاً يُحتذى بين أفراد المجتمع…
ولكن في الأيام الحاضرة نجد أن نقطة البداية وأولى الدرجات في ارتقاء سلم الفن والطرب أصبحت تبدأ بالنجومية، ولا أدري بعد ذلك بماذا ستنتهي؟.. فهناك كمٌّ هائل من البرامج التي تُعرض هنا وهناك وظيفته صنع النجوم حسب الطلب… وبعد النجومية المزعومة تنهمر على الفائزين ألقاب فضفاضة تبايعهم سادة وأمراء وسلاطين وشيوخاً… للطرب فيا للعجب!!.. أما الذي يخولهم للدخول في عالم النجومية والشهرة فإنه بلا شك “اللـّـوك” الظريف و”الدلال” اللطيف و”الدم” الخفيف.. أما الصوت فهو ميزة إضافية… في الغالب غير ضرورية!!..
وهكذا وانطلاقاً من المقولة الشائعة بين أوساط الفنانين: “الساحة الفنية تتسع للكثيرين”، باتت هذه الساحة المسكينة تنوء تحت حمل جحافل المطربين، هواة ً ومحترفين، أصليين ومستنسخين… والكلّ يُمنّي النفس بالشهرة الكبيرة والغلة الوفيرة، والعتب في النهاية “عالسمع والسمّيعة”…
فأخبروني يا منصفين…
حين يمسي الكل مطربين…
من أين نأتي بمستمعين؟!..

م. بشـار منصور

عن الكاتب

جريدة حمص

جريدة حمص أول صحيفة صدرت في مدينة حمص – سوريا عام /1909/ عن مطرانية الروم الأرثوذكس لتكون لسان حال المدينة.

اترك تعليقاً