صحة

خصوصية وباء كورونا عند الأطفال

خصوصية وباء كورونا عند الأطفال

كورونا أو كوفيد 19: هو مرض يسبب أعراض تنفسية حادّة، يسببه فيروس كورونا الجديد الذي انطلق عام 2019 من مدينة ووهان في الصين وأعلنته منظمة الصحة العالمية /WHO/ كوباء عالمي في 11آذار 2020م، وحتى يومنا هذا مازال هذا الفيروس غير مفهوم بشكل كامل للعلماء وما تزال الوقاية هي السلاح الوحيد لمواجهته، وكذلك اللقاح ما زال قيد الدراسة والتجربة.

كثيراً ما نسمع أن الأطفال هم في مأمن من الإصابة ب/كوفيد 19/ فهل هذا صحيح؟

في الواقع، إن هذه المعلومة ليست صحيحة مئة بالمئة، لكن يمكننا القول إن الأطفال هم أقل تأثُّراً من الكبار بهذه الجائحة من حيث نسبة حدوث الإصابة وشدة المرض، وهذا ما يمكن أن نعتبره الجزء الممتلئ من كأس كورونا الفارغ، حيث بيّنت الدراسات في الصين أن نسبة إصابة الأطفال بأعمار أقل من /19/ سنة حتى الآن لم تتجاوز 2.4% من كل الإصابات(1) ونفس النسبة سجلت في الولايات المتحدة (2)، وكانت أغلبية هذه الإصابات خفيفة الشدة 51 %، وَ4% كانت غير عرضية، والحالات متوسطة الشدة 39%. أما الحالات الشديدة والحرجة فلم تتجاوز 6% من كل إصابات الأطفال.(3)

هذه الحالات الشديدة كانت أكثر حدوثاً عند الأطفال الرضع (بعمر أقل من سنة) والأطفال بعمر/1-5/ سنوات(3)، حيث وجد أن نسبة القبول المشفوي كانت مرتفعة (15-62%) لدى الرضع بأعمار أقل من سنة (2)، وربما يعود ذلك لعدم نضج الجهاز المناعي لديهم. لذا وجب الانتباه وإعطاء اهتمام مضاعف لهذه الفئات العمرية من حيث الوقاية، كذلك يجب إعطاء اهتمام خاصّ للأطفال الذين يعانون من مرض مزمن مستبطن كالسكري، والأمراض القلبية والرئوية المزمنة، والعوز المناعي، وسوء التغذية، حيث أن هؤلاء أكثر عرضة لحدوث الإصابات الشديدة والقبول بالمشفى.

Three kids wearing anti virus masks. Kids are going to school. Shot with BMPCC4k with Q0 Raw

هنا لابد أن ننوّه ونشدّد على أنّ حماية هؤلاء الأطفال تقع على عاتق الأهل ومسؤولي رعاية الأطفال، لأن الأطفال غير قادرين على استخدام طرق الوقاية بالشكل الأمثل لا سيّما الصغار منهم، وحماية هذه الفئة العمرية (الأطفال) هي حماية للمجتمع كافة، فقد بينت الدراسات أن للأطفال دور رئيسي بنقل العدوى في المجتمع (4).
وذلك لأنهم أكثر ميلاً من البالغين لحدوث الرشح والمفرزات الأنفية المعدية عند وقوع الإصابة لديهم، وربما هم يستمرّون بإطراح الفيروس عبر هذه المفرزات الأنفية وكذلك عبر البراز لفترات أطول بعد الإصابة مما هو عند البالغين(5). فضلاً عن أن الحالات غير العرضية عند الأطفال أكثر مما هي عند البالغين، وأغلب الحالات العرضية هي حالات خفيفة فقد تعامل كإنفلونزا موسمية بشكل خاطئ ولا يطبق عليها الإجراءات الاحترازية والحجر اللازمين، وبناءّ عليه وعلى ما سبق ذكره عن خصوصية إصابة الأطفال ب/كوفيد19/، يمكننا أن نعتبر أن الأطفال هم مزارع متنقلة للفيروس، ومن المتوقع أن تزداد نسبة الإصابات عالمياً حتى عشرة أضعاف ما هي عليه بعد افتتاح المدارس(6). حيث أظهرت دراسة حديثة في الشهر الماضي في كوريا أن الأطفال بعمر/10-19/سنة هم أكثر من ينقلون عدوى /كوفيد 19/ لأفراد عائلاتهم (7).

لا بد هنا، نظراً لأهمية الموضوع، من الإضاءة بشكل مقتضب على طريقة انتقال العدوى ب/كوفيد19/ للأطفال:
أظهرت الدراسات المتوفرة حتى الآن أن حوالي نصف الأطفال المصابين تلقوا العدوى من المنزل (8) بسبب وجود عدة إصابات في منازلهم، وما تبقى فأغلبهم اكتسبها عن طريق التماس مع مصابين خارج المنزل لاسيّما في دور الرعاية والحضانات والنوادي الرياضية، أما بالنسبة لحديثي الولادة فلم تظهر هذه الدراسات حتى الآن انتقال الفيروس من الأمّ للجنين خلال الحمل، كذلك لا ينتقل من الأم المصابة عن طريق الحليب والإرضاع الطبيعي(8)، لذا توصي منظمة الصحة الأمهات بمتابعة الإرضاع الطبيعي، لكن مع اتخاذ الأم كامل الإجراءات الوقائية وأهمها غسل اليدين جيداً قبل الإرضاع و ارتداء الكمامة، وبعد كل رضعة يبقى الطفل في غرفته بعيداً عن الأم المصابة.

نصيحة ختامية: لا تنهكوا أنفسكم وأطفالكم وتستهلكوا جيوبكم وجهودكم بجمع وتناول الأدوية والفيتامينات اعتباطياً، فحتى اليوم لا يوجد دواء موافق عليه من قبل منظمة الغذاء والدواء FAD لمعالجة /كوفيد ١٩/ أو الوقاية منه. وكل الفيتامينات (كالفيتامين د، والزنك…) والمضادات الحيوية، الأدوية المضادة للفيروسات، المعالجات المناعية، واللقاحات ما تزال قيد الدراسة عن طريق تطبيقها وفق بروتوكولات معينة على المرضى المقبولين بالمشافي.

فلنتجنب الاستخدام الاعتباطي لهذه الأدوية لأنه فضلاً عن أثارها الجانبية، فقد تولد لديكم شعورياً كاذباً بأنكم محميين من الإصابة مما يدفعكم لإهمال سبل الوقاية الحقيقية المتمثلة بغسل اليدين المتكرّر والحفاظ على التباعد الاجتماعي وتجنّب التجمّعات، استخدام الكمامة بالشكل الصحيح للكبار والأطفال الأكبر من ثلاث سنوات، حمل المعقمات واستخدامها بشكل متكرر خارج المنزل وغيرها.
دمتم سالمين… وأزال الله غمّة هذا الوباء سريعاً عن هذا العالم.

المراجع:
Medscape_Coronavirus Disease 2019 (COVID-19) in Children

  1. WHO. Report of the WHO-China Joint Mission on Coronavirus Disease 2019 (COVID-19). World Health Organization. Available at https://www.who.int/publications-detail/report-of-the-who-china-joint-mission-on-coronavirus-disease-2019-(covid-19). 2020 Feb 28; Accessed: April 9, 2020.
  2. CDC COVID-19 Response Team. Coronavirus disease 2019 in children – United States, February 12-April 2, 2020. MMWR Morb Mortal Wkly Rep. 2020 Apr 10. 69 (14):422-6.
  3. Dong Y, Mo X, Hu Y, et al. Epidemiology of COVID-19 among children in China. Pediatrics. 2020 Mar 16. [Medline].
  4. Foust AM, Phillips GS, Chu WC, et al. International expert consensus statement on chest imaging in pediatric COVID-19 patient management: imaging findings, imaging study reporting and imaging study recommendations. Radiology: Cardiothoracic Imaging. 2020 Apr 23. 2
  5. Cai J, Xu J, Lin D, et al. A case series of children with 2019 novel coronavirus infection: clinical and epidemiological features. Clin Infect Dis. 2020 Feb 28. [Medline].
  6. Kim S, Kim YJ, Peck KR, Jung E. School opening delay effect on transmission dynamics of coronavirus disease 2019 in Korea: based on mathematical modeling and simulation study. J Korean Med Sci. 2020 Apr 6. 35 (13):e143. [Medline].
  7. Park YJ, Choe YJ, Park O, et al. Contact tracing during coronavirus disease outbreak, South Korea, 2020. Emerg Infect Dis. 2020 Jul 16. 26 (10):[Medline].
  8. She J, Liu L, Liu W. COVID-19 epidemic: disease characteristics in children. J Med Virol. 2020 Mar 31. [Medline].

عن الكاتب

هلا الأصيل

د.هلا طلال الأصيل، ماجستير بأمراض الاطفال وحديثي الولادة، أعمل بعيادتي الخاصة وفي العيادات الشاملة في قريتي قطينة، أم لطفلين، من هواياتي الترتيل والموسيقى البيزنطية

اترك تعليقاً