تاريخ

قطّينة وبُحَيرتها (2)

الجزء الثاني

بداية تشكُّل البحيرة: منذ مئات السنين حدث بركان في جبل الحلو نجم عنه حمم بازلتية سائلة، أدت إلى سد مجرى نهر العاصي (1) فتشكّلت بحيرة صغيرة، وهذه البداية الطبيعية لتشكّلها. وﺗُﻨﺴﺐ ﺍﻟﺒﺤﻴﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺼﺮ ﺩﻳﻮﻗﻠﻴﺴﺎﻥ 284 -305 ﻡ، ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺮ ﺑﺘﻮﺣﻴﺪ ﻣﺠﺎﺭﻱ ﻋﺪّﺓ ﺃﻧﻬﺮ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻧﺠم ﻋﻨﻬﺎ تشكُّل ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺤﻴﺮﺓ. وتسمّى بحيرة قدس وقدش من قادش (وهي كلمة آرامية تعني قدّس أو طهّر أو قدّم ذبيحة)، وأيضاً تسمى بحيرة حمص وأخيراً بحيرة قطينة.

بناء السدّ: ﻳُﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ ﺃﻗﺪﻡ ﺳﺪﻭﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺣﺘّﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻫﻮ ﺳﺪّ ﻗﻄﻴﻨﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻊ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﻧﻘﺎﺽ ﺗﻞّ ﻗﺎﺩﺵ. ففي العصر الروماني تمّ بناء سدّ صغير على اللسان البازلتي الناجم عن البركان الذي يسمى حالياً (الوعر)، وذلك في أقصى الزاوية الشمالية الشرقية للبحيرة. وأطلق عليه السدّ القديم ومازالت آثاره موجودة حتّى الآن، منها نذكر بناءً مهدّماً كان يستخدم للمراقبة والحراسة.
لدى سكّان المنطقة انطباع بأنّ هذا الموقع اسمه قصر بلقيس، وهو برج حجري تعارف أهل المنطقة على تسميته بهذا الاسم. ويعتقد أن الاسكندر المقدوني بناه ليكون مكاناً للمراقبة، وهو يقع قرب جسم سدّ قطينة.

وهناك موقعان آخران له في الجهة الجنوبية منه وعلى مسافات متباعدة هما: تلّ قطينة الكبير وتلّ قطينة الصغير المعروف محلياً باسم (تل الواويّات). ﻭﺗﺬﻛﺮ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﻣﺼﺮ ﻋﺎﻡ 321 ﻕ.ﻡ، ﻭﻟﺪﻯ مروره بسورية أمر بترميم السدّ تكريماً لمعركة قادش (بين الفراعنة والحثيّين).

مخزون السدّ: يبلغ مخزون السدّ 200 مليون متر مكعّب من المياه. وفي عام 1960م تمّ رفع جدار السدّ ليصل مخزونه إلى 250 مليون متر مكعّب. طول السدّ 2 كم وارتفاعه 7 م عرض القاعدة 20 م.

ومن الضروريّ الإشارة إلى مشكلة التلوّث التي تعاني منها بلدة قطينة منذ عشرات السنين بدءاً بمعامل الأسمدة (معمل سماد الكالنترو ومعمل الأمونيا-يوريا ومعمل السماد الفوسفاتي) مروراً بالرحبة (مكان تجميع آليات قيد التعمير) وصولاً إلى معمل توليد الكهرباء الذي أُغلق قبل سنوات. تتنوّع الملوِّثات الناتجة عن هذه المعامل إلى ملوِّثات غازية ومائية وتلوّث بالغبار والتلوّث بالمواد الصلبة. وكانت نتيجة هذه الملوّثات واضحة في القضاء على الحياة النباتية والحيوانية في البحيرة، وعلى المواسم الزراعية ونفوق أعداد كبيرة من الأسماك وعدم صلاحية الباقي منها.
لابدّ للسلطة الإدارية في المحافظة العمل على إيجاد حلول جذرية لمشكلة التلوّث.

المفردات: (1) نهر العاصي: طول النهر 435 كم، ينبع من نبع الهرمل (اللبوة) في الأراضي اللبنانية، ويدخل الأراضي السورية مارّاً باتجاه الشمال إلى القصير -قطينة -حمص –الرستن-حماه-السقيلبية-جسر الشغور-دركوش-حارم-أنطاكية-بحيرة العمق-السويدية-البحر المتوسّط. ويسمى بعدة أسماء:
1ـ أُورينتيس (آرامية: تعني أرنوتو، وكلمة أرنو تعني الأسد وأيضاً تعني اللبوة، أي نبع اللبوة: أورونتيس).
2ـ الميماس آرامية: مايوماس، ربّة الماء وهي طقوس التطهير باستخدام الماء، ويوم الماء وعيد الماء وعيد التطهير.
3 ـ العاصي: هو النهر الوحيد في سورية الذي ينبع من الجنوب ويصبّ في الشمال.
4ـ مارسياس كامبوس.
5ـ بيلوس: يسمّى عندما يمرّ بالسقيلبية وأفاميا.
6 ـ تيفون: تعني الزوابع والأعاصير، ويسمّى عندما يمرّ قرب أنطاكية.
.7ـ أكسيوس بوتاموس: (يونانية: بوتاموس تعني النهر).
8ـ المقلوب.

عن الكاتب

جورج فارس رباحية

جورج فارس رباحية من مدينة حمص، أب لأربعة أولاد.
مهندس زراعي متقاعد.
خبير محلّف لدى المحاكم.
لي كتاب أمثال حمص الشعبية.
هواياتي كتابة مقالات تاريخية، أدبية، زراعية، دينية، توثيق آثار حمص والأوابد السياحية في سوريا.

اترك تعليقاً