منوعات

الطلاق

ماهو السرّ وراء انتشار التعاسة الزوجية؟ ولماذا تزداد حالات الطلاق سنة بعد سنة؟ لماذا يبدأ الزواج بأحلى الأمنيات وينتهي بالكوارث الكبيرة؟ وهل من سبيل للتنبؤ بالزواج السعيد؟
وبالطبع لا يخطِّط المتزوِّجون للطلاق، إنما يكون الطلاق نتيجة عدم الإعداد الجيّد للزواج. والفشل في فهم المهارات اللازمة للعمل معاً كجسد واحد.

Separation and divorce: How do we split up our investments? | MoneySense

عموماً فإنَّ الزيجات في مجتمعنا لم يعد يُنظَر إليها نظرة مقدسة، ويوماً بعد يوم يزداد عدد الذين ينظرون إلى الزواج على أنه تجربة أو عقد بين اِثنين من الناس يقاس كلّ شيء فيه بمدّة محدّدة أو بشروط على حسب اهتماماتهم الخاصّة.

وعندما تفشل الزيجات فهناك دائماً اختيار الطلاق دون أن ينطوي ذلك على ذنب أو عيب ويلي ذلك محاولة جديدة للزواج من شريك آخر.

من الواضح أن السعادة الزوجية تبدأ قبل الزواج وليس بعده، وحالات التعاسة الزوجية التي تسود معظم المنازل لم تبدأ بعد الزواج بل بدأت قبله. وعلينا أن نعترف أن الكثير من الشباب والشابات يتزوّجون بغير فهمٍ حقيقيّ للحياة الزوجية، ويدخلون هذه الحياة المعقّدة بدون إعداد صحيح، وبغير تقدير لمسؤولياتها الخطيرة، فيقضون بقية العمر يندبون حظهم العاثر، أو تنتهي مأساة زواجهم بالطلاق.

Children are first to get affected during a divorce' | Parenting News,The  Indian Express

الزواج التزام مدى الحياة: “إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد، فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان” (متى 19 : 6)، فمن أساسيات الزواج وبالتحديد (الحبّ المقرون بالالتزام)، لأن ضعف الالتزام بالزواج عادة ما يقود إلى الطلاق. قال أحد الكتّاب :”لا يوجد ما يُسمَّى بالكمال، يجب عليك أن تتعامل مع السنوات الأولى من الزواج برغبة في التعلُّم حتّى تتغلّب على ضعفاتك وعجزك، الأمر الذي يتطلّب مجهوداً متواصلاً”.

هذا يؤكّد لنا أنه لا يحدث توافق بين زوجين لمجرّد أنهما ببساطة يحبّ أحدهما الآخر. فالكثير من الشباب يفترض أن فترة الرومنسية وكلام الحبّ في فترة الخطوبة ستستمرّ طول العمر. ومن السذاجة أنْ نتوقَّع أنَّ شخصين متفرّدين لكلّ منهما إرادته القويّة والمستقلّة، سوف يندمجان معاً بسهولة وكأنهما ماكينات غير عاقلة، حتى التروس لها أسنان وحواف خشنة لا بدّ أن تهذّب قبل أن تعمل معاً بتناغم، وهذا يتمّ خلال السنوات الأولى للزواج.

ويكون الالتزام حتى في الألم: كلّ عائلة ستواجه الصعوبات والضيقات، فلا أحد يعيش بدون ألم، وسوف تختبرنا الحياة بشدّة، وتكلّم يسوع عن هذه الحتمية الحقيقية قائلاً: “في العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم” (يو 16: 33). وهناك العديد من العلاقات الزوجية التي تحطّمت بسبب الضغوط التي هاجمت حياتهم. لأنّ علاقتهم تنقصها العزيمة الفولاذية والإصرار على البقاء.

How to Avoid Missteps When an Employee Goes Through a Divorce

إذا جاء الشريكان إلى العلاقة باستعدادٍ للصراع فسوف ينهار الأساس، وهذا ما أكّده الرب يسوع  بقوله: “إنْ اِنقسم بيت على ذاته لا يقدر لك البيت أن يثبت ” (مر 3 : 25). وقد أعطى الرسول بولس المنظور الإلهي للعلاقات الإنسانية -وليس فقط في الزواج- بل بكلّ جوانب الحياة، إذ كتب يقول: “لا شيئاً بتحزُّب أو بعجب، بل بتواضع حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم” (فيلبي 2: 3). وهذه الآية وحدها تتضمّن حكمة أكثر من كلّ الكتب التي كُتبت عن الزواج مجتمعة. وإذا انتبهنا إليها فيمكن عملياً حذف كلمة “طلاق” من كتالوج العلاقات الإنسانية.

عن الكاتب

لارا حداد

لارا منير حداد
حاصل على إجازة في الهندسة المعلوماتية، وشهادة دبلوم في التنشئة اللاهوتية(برنامج الكلمة)، كاتب مقالات تخصّ تربية الأطفال في موقع "حياة عيلتنا"
اهتماماتي مطالعة الكتب المختصّة بالعائلة ودراستها.

اترك تعليقاً