منذ عدة أشهر لم يكن يتخيل سيرخيو شامي، الرجل المتقاعد التشيلي من أصل سوري، ذو السبعة والثمانين عاماً أنه سيصل إلى السجادة الحمراء في حفل توزيع جوائز الأوسكار.
القصة بدأت عندما قرأ سيرخيو في جريدة محلية في تشيلي إعلاناً للبحث عن رجل يتراوح عمره بين الثمانين والتسعين عاماً، يتمتع بصحة جيدة ويتميز بالاستقلالية والسرية التامة، أن يكون قادراً على التعامل مع التكنولوجيا وعلى استعداد لترك منزله لمدة ثلاثة شهور كي يعمل لصالح مكتب تحريات خاص.
في تلك الأثناء كان سيرخيو بحاجة لملء وقته بعملٍ ما بعد مرض ووفاة زوجته وبقائه وحيداً في البيت الذي كانت كل تفاصيله تذكره بها. بعد عدة مقابلات تم انتقاؤه من بين أكثر من مئة متسابق للقيام بمهمة التخفي كنزيلٍ في دارٍ للعجزة بهدف التحري عن سلامة سيدة مقيمة فيها بناءً على طلبٍ من ابنتها التي كانت تشك بسوء معاملتهم لها في المأوى، في الوقت نفسه وبالاتفاق مع المخرجة مايتي آلبردي تم تصوير فيلم وثائقي عن واقع دور العجزة وما يعانيه النزلاء فيها من الوحدة والعجز وألم الهجر من ذويهم. لهذا الغرض قاموا بتجهيز سيرخيو بقلمٍ ونظارة طبية مزودين بكاميرات، وتقررت مجموعة رموز وبرامج للتواصل مع المحقق الخاص ليسهل تزويده بالتقرير اليومي عما سيراه شامي هناك.
أحرز الفيلم نجاحاً كبيراً وتم ترشيحه لعدة جوائز من بينها جائزة الأوسكار كأفضل فيلم وثائقي.
سيرخيو شامي هو ابن مهاجر سوري وصل إلى تشيلي في أوائل القرن العشرين. عندما بلغ السابعة عشرة من عمره بدأ بالعمل مع أبيه في تجارة الألبسة وتصنيع الحقائب واستلم زمام أمور العائلة في سن مبكرة لكنه بعد تعرض البلاد لعدة أزمات اقتصادية أدت به إلى إغلاق المصنع اضطر لممارسة العديد من النشاطات من بينها إدارة مطعم إيطالي ومحطة وقود وغيرها من الوظائف قبل وصوله إلى التقاعد والمشاركة في فيلم “El Agente Topo” “الوكيل الخلد” الذي أوصله إلى الشهرة.
الأحد في 25 نيسان كانت قلوب كل الشعب التشيلي قبل عيونهم تتابع الحفل مرافقةً ذلك الرجل الذي أراد أن يثبت للعالم أن كبار السن ليسوا بعاجزين وأن بإمكانهم الخوض في مغامرات جديدة وبلوغ النجاح وتغيير نظرة المجتمع لهم كعبءٍ على الآخرين.
في نهاية المطاف، لم يحز العمل على جائزة الأوسكار إلا أنه حاز على محبة واحترام كل من رآه و جعل لهذا الرجل الذي تنحدر أصوله من أرضنا الجميلة الخيّرة مكاناً في قلوب الملايين.
لينا توماني
اترك تعليقاً