إيديث شاهين

إيديث، أديبة وشاعرة تشيلية إسبانية من أصل سوري تصدر ديواناً شعرياً باللغة الإسبانية بعنوان “Nostalgias Líricas” “الحنين الغنائي”

إيديث، هي ابنة المهاجرين السوريين يوسف شاهين ونعيمة خوري اللذين رحلا في أوائل القرن العشرين من سوريا إلى تشيلي مرورا بالأرجنتين، في رحلةٍ كان فيها من الصعاب ما كان للكثير أمثالهم ممن هاجروا وأسسوا حياتهم بعيداً عن وطنهم الأم الذي لم يغادر قلوبهم يوماً، لا بل جعلوا من بيوتهم في بلاد الغربة لهم و لأبنائهم امتداداً لتلك الأرض ولعاداتها وغرسوا في قلوب أولادهم شعور الانتماء و المحبة تجاهها.

‏”NOSTALGIAS LÍRICAS” هو إصدار لمجموعة من القصائد كتبتها الشاعرة خلال السنوات الأولى من حياتها في مدريد، ففي أثناء تأليفها لبعض النصوص الإذاعية حيث كانت تعمل ككاتبة سيناريو، كانت روحها الشعرية تصب أسرارها الأكثر حميمية على الورق ممزوجة بمعاناتها وأشواقها للأهل والأصدقاء الذين غادرتهم في أسوأ الظروف السياسية التي كانت تعانيها تشيلي، معبرةً عن مشاعرها في ثلاثٍ وثلاثين قصيدة، خمسة عشر نصا منها بعنوان “أود”.

في هذه النصوص تنعكس تجربة إيديث مع الاغتراب القسري عن أرضها وأحبائها، فنرى من خلالها تأملاتٍ عميقة وأبياتٍ تنم عن الحنين الموجع الذي يتوق إلى احتضان من بقوا. أبيات رغم قسوتها لا يغيب عنها الأمل الذي يطل بنظرات خاطفة تاركاً الأبواب مشرعة لاستقبال ما قد يأتي غداً.

“أود أن أكون هناك الآن
بقلب مفتوح وعيونٍ مغمضة
أود الإحساس بالحاضر فقط
نسيان البارحة، نسيان الغد
أود!
أود أن أكون
لا شيء سوى أن أكون”

تقول الشاعرة في مقدمة ديوانها “ الحنين الغنائي”:
“ وفي ذلك السلام- الهوس المستمر- أردت أن أغلف الكون بأسره. لهذا السبب، من أجل السلام، فإن يدي الساهرة حتى طلوع الفجر تكتب هذه الأشعار اليوم.”

الكاتبة إيديث شاهين التي تنحدر أصولها من مدينة حمص، ولدت في سانتياغو وهاجرت إلى إسبانيا عقب الانقلاب العسكري في تشيلي عام ١٩٧٣ و ما زالت إلى وقتنا الحاضر تعيش في العاصمة مدريد.

لها مسيرة أدبية تفيض بالمؤلفات المتميزة والبارزة التي أحصت من خلالها الكثير من الجوائز ووصلت لاحتلال المراكز الأولى في المبيعات، من أهمها رواية “فدوى، عذراء حمص العنيدة” المترجمة إلى العربية في المركز الثقافي بالسفارة المصرية في مدريد، وكتابها الأكثر شهرة “نعيمة، حكاية والدتي الطويلة” الذي تسرد فيه إيديث سيرة والدتها المولودة في حمص في عام ١٨٩٦، وزواجها في سن الخامسة عشرة من يوسف شاهين الشاب الذي كان قد هاجر إلى تشيلي ثم عاد ليستقر في بلده سوريا، لكنّ الحرب العالمية الأولى التي كانت على وشك الاندلاع جعلت العثمانيين الأتراك يجندون الشباب السوريين في نزاعٍ لم يكونوا فيه إلا كبش فداء لمحتلٍ غاشم مما أدى بيوسف إلى أن يقرّر الهجرة ثانية إلى تشيلي مع زوجته هرباً من ملاحقة العثمانيين.

ترجم الكتاب إلى اللغة العربية الأستاذ رفعت عطفة، ويمكن قراءته في مكتبة ميغيل سيرڤانتس الإلكترونية بشكل مجاني، هذا وكان قد نُشِر من تلك الرواية فصلها الأول في مجلة السنونو في عددها السادس الذي أعيد نشره في موقع المجلة في تشرين الثاني من عام ٢٠١٥.

لينا توماني

اترك تعليقاً