ثقافة

في ذكرى استشهاد الخالد خالد الأسعد “نخيل تدمر لا ينحني”

“حبي لتدمر وعشقي لها لا يوازيه أي شيء في هذه الدنيا. لقد زرت معظم مدن العالم شرقا وغربا، ولو خيرت بينها لاخترت تدمر. فعلى ترابها عشت، ومن مائها شربت، وكل ما قدمت من أجلها أقل من الواجب”. خالد الأسعد

في مثل هذا اليوم المشؤوم 18 آب 2015 اغتالت يد الغدر والهمجية شهيد العلم والإنسانية، شهيد تدمر وسوريا الأستاذ الباحث خالد الأسعد.

وبمناسبة الذكرى السادسة لاستشهاد حارس الأعجوبة (تدمر)، أقامت الجمعية العلمية التاريخية، بالتعاون مع مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، ندوة تكريمية للراحل بعنوان ” نخيل تدمر لا ينحني” يوم الأربعاء 18 آب 2021 في المركز الثقافي العربي بحمص.

وقد شارك في الندوة كل من السيدات والسادة:
د.فيروز يوسف رئيس الجمعية العلمية التاريخية بحمص، د.م نزيه بدور رئيس جمعية العاديات في حمص، د.خليل الحريري مدير متحف تدمر ومدير التنقيب الأثري فيها، د.علي صقر أحمد باحث في الآثار واللغات القديمة ونائب عميد كلية الآداب في جامعة البعث.

في البداية تم عرض فيلمين تعريفيبن عن الشهيد الأستاذ خالد الأسعد، ثم قدمت السيدة دانية سلامة نبذة عن الراحل.

-الشهيد الراحل من مواليد تدمر عام 1932، حاصل على إجازة في التاريخ من جامعة دمشق، ودبلوم تربية.
-شغل منصب مدير آثار متحف تدمر.
-كان مديرا للدراسات والتنقيب الأثري فيها.
-المسؤول عن ترجمة النصوص الأثرية في تدمر.
-له 40 مؤلفا في الآثار عن سوريا والعالم.
-عمل مع عدة بعثات أثرية: أميركية، وفرنسية، وألمانية، وإيطالية.
-كان يتحدث عدة لغات أجنبية، بالإضافة إلى إتقانه اللغة الآرامية، لغة السيد المسيح اللغة السورية منذ آلاف السنين.
-عمل في المشروع الإنمائي التدمري.
– اكتشف الكثير من الآثار والمدافن.
-نال العديد من الأوسمة المحلية والعالمية.

ثم تتالى المحاضرون في الحديث عن عاشق تدمر وعن إنجازاته فيها وارتباطه بها، وكيف جعلها وجها مضيئا في سوريا تستقبل رؤساء الدول والشخصيات المهمة وتحكي عن تاريخ مشرق.

وفي تصريح لجريدة حمص بينت د.فيروز أهمية الندوة أنها “ذكرى خالدة وماجدة، فهو شهيد يمثل تدمر وكل شهداء سوريا، فجميع شهدائنا قدموا أغلى ما عندهم حتى الرمق الأخير وكان حبهم لمعشوقتهم سوريا، وشهيدنا كانت معشوقته تدمر.

المناسبة اليوم غالية وهي ذكرى الاستشهاد التي تعزف على الوتر الحزين في القلب. في مثل هذا اليوم كانت الفاجعة الأولى خسارة قلعة علمية كبيرة هو حارس تدمر، وخازن أسرارها، وعارف قيمة هذه الأسرار بالتزامه وانتمائه، إذ كانت تدمر هويته.

الفاجعة الثانية كانت بالطريقة التي استشهد فيها، إنهم خفافيش الظلام التي حطت على سوريا وعملت فيه وبغيره هذا العمل الشنيع.

سيصبح هذا اليوم في السنوات المقبلة، وحسب مقدرتنا كجمعية، مهرجانا سنويا في ذكرى هذا الشهيد الخالد”.

وفي تصريح آخر لجريدة حمص مع ابن الشهيد محمد خالد الأسعد أضاف إن “الوالد هو جزء من كوكبة من الشهداء الذين رووا بدمائهم تراب هذا الوطن الغالي، وهو حاول أن يحافظ على مقتنيات ملكة تدمر، وقد حافظنا على الجزء الأكبر منها، وقد لقي جزاءه لقاء صموده لتبقى راية البلد خفاقة. لقد توفي في 18/8/2015 بعد اعتقال 27 يوما ليقوموا بإعدامه في اليوم الثامن والعشرين.
كان يتقن وبطلاقة قراءة النصوص التدمرية، حتى إنه ألف كتابا اسمه الكتابات التدمرية باللغة الإنكليزية مشاركة مع البروفسور البولوني ميشيل كابري غوفسكي. كانا يقرأان النقوش والكتابات التي تظهر على المنحوتات التدمرية.

كما يتقن الإنكليزية والفرنسية وبعض المقاطع العبرية…

ألف 40 كتابا أشهر تلك الكتب (تدمر أثريا وتاريخيا وسياحيا) و (زنوبيا ملكة تدمر والشرق ). كما نشر الكثير من الأبحاث في مجلة (مهد الحضارات)، ومجلة (حوليات) الأثرية التي كان ينشر فيها أبحاثه ونتائج التنقيبات.

كان رئيس البعثات التنقيبية ورئيس الجانب السوري والبعثات المشتركة. كما بقي رئيس البعثة السورية الوطنية لمدة 50 عاما”.

أما د.م نزيه بدور فاستشهد بقول أحد الصحفيين في جريدة لاموند حين وصفه بأنه “أحد أعمدة الحكمة في تدمر”.

وتابع د.نزيه: “بفضل همته وهمة زملائه أزال الغبار عن آثار تدمر وحولها إلى حاضرة حية تستقبل رؤساء الدول ومشاهير العالم، وأخرج مدينة تدمر من الظلمة إلى النور بعد أن نامت قرونا عديدة بعيدة عن الظهور.

لقد نجح -بجهوده وعلمه- في استقطاب علماء الآثار الذين وجدوا فيه صديقا وعالما ومضيفا جيدا. وهكذا ظهرت تدمر التي صارت مشهورة عالميا، بفضله وفضل زملائه الأكارم الذين عملوا على إحياء هذه المدينة العظيمة..

آمل أن يقترن اسمه بلقب عالم، ولولا ذلك لما سُميت باسمه ساحات وقاعات أثرية في متاحف روما وغيرها..”

ود.علي صقر أحمد أبدى احترامه وتقديره للعالم الراحل “اليوم نحيي ذكرى قامة عظيمة، هو معلم وسيد في الوطنية والوفاء، ولا أقل من أن نبادله هذا الوفاء بالوفاء، وإن الوفاء الحقيقي لروح طيبة كهذه هي أن نعيد كلمات كان يرددها على منابر وطن أحبه كثيرا وضحى من أجله، فهي رسالة اليوم وأمانة.

لقد وعدته شخصيا أني سأبقى أردد كلماته ما بقيت حيا؛ هذه الكلمات التي يجب أن تبقى على المنابر، لتضيء في نفوس الجميع ذكرى أن الوطن عزيز وباق”.

ود.خالد الحريري صهر الراحل زوج ابنته زنوبيا. لقد سمى الراحل ابنته (زنوبيا) تيمنا بزنوبيا الملكة وحبا بتدمر.

لقد تحدث د.محمد الحريري عن الراحل “لقد تعلمت منه كثيرا منذ أن كنت صغيرا. لقد رحل خالد الأسعد، لكن روحه باقية تحوم حول تدمر، واسمه نُقش على صخور تدمر، فكل حجر من حجارة تدمر تحكي لنا قصة خالد الأسعد: المعابد والمسرح والمدافن، كل شيء في تدمر فيها حس من خالد الأسعد لأنه مشى على طريقة أسلافه الذين عمروا تدمر، فحاول أن يعيد تدمر إلى ألقها الذي كانت عليه سابقا، فجعلها في فترة من الفترات وجهة حضارية للسائحين ، ومدرسة لتعلم التاريخ”.

رحم الله الشهيد الباحث خالد الأسعد، شهيد الإنسانية والعلم والوطنية… والرحمة لشهداء الوطن جميعا.

عن الكاتب

هنادي أبو هنود

-إجازة في اللغة العربية.
-دبلوم دراسات عليا/لغوي.
-سكرتيرة تحرير جريدة حمص سابقا.
-مدققة لغوية في جريدة حمص حاليا.
-معلمة لغة عربية في الثانوية الغسانية.
-هواياتي الكتابة في الصحف والدوريات، والاهتمام بالمحاضرات والندوات الثقافية.
-صدر لي كتابان في الخاطرة والمقالة:
الأول بعنوان ومرت الأيام 2008، والثاني بعنوان كلام... كلام عام 2010.

اترك تعليقاً