أعلام من حمص

الأستاذ المحامي وليم سارة: رحلة عصامية بين التعليم والقانون

ولد المحامي وليم نجيب سارة في مدينة حمص السورية، ونشأ يتيماً بعد وفاة والده، ليخطّ مسيرة حياة حافلة بالعطاء والتميز.
درس الأستاذ وليم في المدارس الغسانية التي كانت تعرف وقتها باسم الكلية الأرثوذكسية، وقد بدأ مشواره المهني في سن مبكرة جداً؛ ففي الحادية والعشرين من عمره تولى مهمة تدريس اللغة العربية في الكلية الأرثوذكسية بحمص، حيث تتلمذ على يديه العديد من الطلاب الذين صار لهم فيما بعد شأن كبير.

ولم يقتصر نشاط الأستاذ المحامي وليم سارة على التعليم فقط، بل برز أيضاً في العمل الصحفي، ففي سن السابعة عشرة عمل كمراسل في جريدة الفجر المملوكة للأستاذ نورس السواح والد المفكر السوري الكبير فراس السواح، حيث كان الأستاذ وليم يقوم بترجمة بعض المقالات من الإنجليزية إلى اللغة العربية حتى يستطيع إكمال دراسته.

كما تولى تولى في عمر الثانية والعشرين رئاسة تحرير صحيفتي “العروبة” الجريدة الرسمية لمدينة حمص في بداياتها الأولى و“جريدة حمص” التابعة للكنيسة الأرثوذكسية والتي تأسست عام ١٩٠٩ بعدما أن منحه المثلّث الرحمات قداسة المطران ألكسندروس جحا ثقته لرئاسة تحريرها.
وفي الخمسينيات، برع في مجال الترجمة، حيث نقل عدة مؤلفات من اللغة الإنكليزية إلى العربية، كان من بينها كتاب عن الثورة الجزائرية، مما نال عليه تقديراً خاصاً من مجلس قيادة الثورة الجزائرية والحكومة المصرية، حيث كُرِّم في مصر سنة ١٩٥٦ على جهوده الأدبية والسياسية.

أكمل الأستاذ وليم دراسته الجامعية، فتخرج في كلية الحقوق بدمشق سنة 1958، ليبدأ بعدها مزاولة مهنة المحاماة في مدينته حمص.
عُرف بتصديه للقضايا الكبرى، لا سيما تلك المتعلقة بحقوق العمال، حيث مثّل نقابات العمال في العديد من القضايا الهامة خلال أواخر الستينيات. وبفضل حنكته القانونية وفطنته العالية، اكتسب سمعة رفيعة بين زملائه، حتى كرّمته نقابة المحامين بحمص عام 2007 كأحد شيوخ مهنة المحاماة.

امتلك الأستاذ وليم مكتبة ضخمة من أمهات الكتب القانونية والعلمية والأدبية والموسيقية، ومنها النادر وجوده، وذلك في مكتبه الواقع في شارع القوتلي وفي منزله الواقع بحي بستان الديوان، ولكن للأسف نهبت المكتبة بكل محتوياتها التي تصل إلى آلاف الكتب، فإما أُحرقت الكتب أو بيعت على أرصفة الطرقات خلال الأحداث الأليمة التي عصفت بمدينة حمص و سورية الحبيبة.

كان الأستاذ وليم محباً للفن الشرقي الأصيل، وقد ربطته صداقات وعلاقات مهنية مع كبار الفنانين، من أبرزهم المرحوم الأستاذ صباح فخري وغيره من الفنانين في مدينته حمص.

رزق الأستاذ وليم بثلاثة أبناء: الدكتور زياد سارة، اختصاصي في الأمراض الداخلية والكلى في الولايات المتحدة، والمحامية زينة سارة، والمرحوم الدكتور الموسيقي باسل سارة.
ومع اندلاع الأحداث في سوريا، هاجر مع زوجته السيدة أنطوانيت عشي فرح وابنته المحامية زينة إلى الولايات المتحدة عام ٢.١٤ ليلحق بابنه الدكتور زياد سارة في مدينة ليكسنغتون بولاية كنتاكي، حيث أمضى بقية سنوات حياته هناك، إلى أن وافته المنية هناك في عام 2025، تاركاً خلفه إرثاً مهنياً وعلمياً وإنسانياً غنيّاً.

أسرة تحرير تتقدم بالتعازي الحارة من أسرة الفقيد، وأن يسكب على قلوبهم بلسم الصبر والسلوان.

رحم الله الأستاذ المحامي وليم سارة الذي كان أحد رؤساء تحرير جريدة حمص.

اترك تعليقاً