تربية الطفل كانت وما تزال محور اهتمام معظم الكتاب والعلماء، الذين أكّدوا أنّ الحبّ هو القاعدة والأساس في تربية الأطفال، وأنّ المحبّة غير المشروطة هي الوحيدة القادرة على منع مشاكل النقمة والشعور بالرفض والذنب والخوف وعدم الأمان من الظهور في حياة أطفالنا.
جميع الآباء والأمهات يحبّون أطفالهم لكن لا يشعر جميع الأطفال بهذا الحبّ، فكلّ طفل يمتلك مستودعاً عاطفياً -مكاناً للقوّة العاطفية- يمدّه بالمؤونة في الأيّام العصيبة من فترة الطفولة والمراهقة. وكما أنّ مستودع الوقود يمدّ السيّارات بالطاقة، هكذا فإنّ المستودعات العاطفية لأطفالنا تمدّهم بالوقود. ونحن نحتاج أن نملأ هذه المستودعات العاطفية لأولادنا بالمحبّة غير المشروطة (الكاملة)، لأنّ المحبّة الحقيقية غير مقيّدة بالشروط، والتي تقبل وتعضد الطفل لذاته وليس لما يفعله أو يقدّمه.
هناك خمس طرق يتحدّث من خلالها الطفل بلغة الحبّ، وكلّ طفل لديه طريقة خاصّة لإدراك الحبّ، وهذا ما أكّده الكاتب غاري تشابمان في كتابه ” لغات الحبّ الخمس التي يستخدمها الأطفال”، وهذه اللغات هي:
التلامس الجسديّ: وهو أحد أقوى أصوات الحبّ، وأسهل لغة يمكن استخدامها وهي ليست مقتصرة على الاحتضان والقبلات إنّما تشمل أيّ نوع من التواصل الجسديّ.
يُعتبر حمل الطفل في سنوات عمره الأولى وعناقه بالإضافة للمسات الرقيقة عند تغيير الحفاض أو أثناء إطعامه نوعاً من التلامس الجسديّ. وعندما ينمو الطفل فإنّ حاجته للتلامس لا تقلّ، فالأفعال الأخرى كالاحتضان أو القبلات أو المصارعة على الأرض وركوب الطفل على الظهر وضرب الأيادي واللمسات المرحة ومعارك الدغدغة التي يحبّها معظم الأطفال أو قراءة قصّة للطفل وهو جالس في حضن والديه، كلّها مهمّة للنموّ العاطفيّ للحبّ، وعندما يصبح الطفل في السن المناسب للمدرسة تظلّ لديه حاجة قويّة للتلامس الجسدي كالعناق عند المغادرة أو العودة من المدرسة أو التربيت على الكتف أو الظهر.
الوقت النوعيّ: هو اهتمام واضح وكامل من الأهل بطفلهم، كما أنّه ينقل للطفل رسالة “أنا مهتمّ بك، وأحبّ أن أكون معك”. ويتلقّى الرضّع الكثير من الوقت النوعيّ لكن كلّما نما الطفل أصبح موضوع تخصيص وقت نوعيّ أمراً صعباً فهو يتطلّب تضحية حقيقية.
الهدايا: معظم الأطفال يستجيبون إيجاباً مع الهدايا لكن بالنسبة للبعض فإنّ تلقّي الهدايا يعدّ لغة حبّهم الأساسية. فالهديّة تستحوذ على مكان خاصّ في قلوبهم لأنّها تعدّ تعبيراً عن محبّتنا. وبالنسبة لهم فهي تخبرهم أنّهم محبوبون، وهذه الهدايا يجب أن تكون تعبيراً صادقاً عن الحبّ وليست تعويضا للطفل عن الانشغالات الزائدة.
كلمات المديح: في توصيل الحبّ، تعتبر الكلمات لغة قويّة. فكلمات العاطفة والتحبّب وكلمات المديح والتشجيع، مثل هذه الكلمات كالمطر اللطيف والدافئ الذي ينهمر على الروح، وهذه الكلمات تغذّي شعور الطفل الداخليّ بالقيمة والأمان، عكس الكلمات القاسية والناقدة والتي تعدّ ضارّة لجميع الأطفال أمّا بالنسبة للأطفال الذين يستخدمون كلمات المديح والتشجيع كلغة حبّ أساسية تعتبر الكلمات القاسية مدمّرة تماماً.
أعمال الخدمة: وهي تعبير صادق عن محبّتنا لأطفالنا، فعندما يطلب الطفل من والديه إصلاح درّاجته أو إصلاح ثياب اللعبة فهو لا يريد إتمام المهمّة فقط، بل يكون بأمسّ الحاجة إلى حبّ عاطفيّ -لكن هذا لا يعني تلبية كلّ طلبات الطفل- وكلّ طلب يحتاج إلى دراسة.
ولأنّ أعمال الخدمة يوميّة، يجب على الآباء مراجعة مواقفهم بين الحين والآخر لكي يتأكّدوا أنّ أعمال خدمتهم توصل الحبّ.
عندما نتحدّث بلغة الحبّ الخاصّة بالطفل، فإنّنا بذلك نملأ مستودعه العاطفيّ بالمحبّة، وحينما يشعر الطفل بمحبّتنا له، فإنّه يصبح أكثر تجاوباً مع التأديب والتهذيب مما لو كان مستودعه العاطفيّ فارغاً.
ليس من الصواب إظهار محبّتنا لأطفالنا فقط عندما يكونون متفوّقين أو مميّزين، ولكن هناك حاجة ملحّة وضرورية كي أقول لطفلي: أنت مهمّ، ومحبوب بالنسبة لي بغض النظر عن مدى إنجازاتك، حتّى ولو أخفقت أو لم تنجز الكثير فأنت بالنسبة لي تعني الكثير، أنت بالنسبة لي أهمّ إنسان في هذا الوجود.
يسرني ما تكتبين والوعي لكل نواحي تلقي الحب لمستودعه هذا المخزون الذي به يبني شخصيته وينطلق للحياة كالنسور يجددون وينهضون ببناء جدير بحياة المحبة احسنت واثريت وانرت حبيبتي وعمري وحياتي انت كل الحياة والدنيا الجميلة بوجودك يارب احمهم واحفظهم من كل شر امين