العائلة هي “الكنيسة البيتية” والخلية الحية في الكنيسة، والتي تمدها بزخمها الإنساني والروحي وتغتذي منها بدورها لتحقق أصالتها حسب مقاصد الله، ويكون الوالدان أيقونتين حيتين لأولادهما.
فالعلاقة الزوجية هي علاقة ثالوثية بين الله والزوج والزوجة، وكلما اقترب الزوجين من الله فسيقتربان من بعضهما إلى أن يصلا بالله إلى واحد. والأسرة المسيحية هي إنسان ثابت في الله يتزوج امرأة ثابتة في الله، وإذا أنجبا أولادًا يكون هؤلاء الأبناء أبناء لله.
العائلة قسم من الكنيسة ورمز لها:
العائلة هي الكنيسة الصغيرة، وما أجمل قول بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية “سلموا على بريسكلا وأكيلا… والكنيسة التي في بيتهما”(رو 16: 5)، وأيضا قوله لأهل كولوسي “سلموا على الإخوة الذين في لاودكية, وعلى نمفاس وعلى الكنيسة التي في بيته” (كو 4 : 15), وكذلك قوله لفليمون “الكنيسة التي في بيتك” (فل2). هؤلاء صارت بيوتهم كنائس مثل بين مريم وأم مرقس الرسول وليديا بائعة الأرجوان. وبالعودة لذواتنا…هل توجد كنيسة في بيتنا أو ركن للرب فيه أيقونة وقنديل ومكان للصلاة؟؟؟
يشكل الزواج قسمًا أساسيًا من الكنيسة، فهو خلية من خلايا الكنيسة وكل ما تتصف به الكنيسة ينطبق على الزواج، فالزواج بحد ذاته هو سر حي، هو سر المحبة المتزايدة.
والزوجان اللذان يعتمدان على كلمة الله ليجدا حلولاً لضغوط الحياة يتمتعان بامتياز أكبر من هؤلاء الذين لا إيمان لهم، فالأسلوب المسيحي للحياة يضمن ثباتًا للزواج، لأن مبادئه وقيمه تصنع انسجامًا وتناغمًا بشكل تلقائي، وعندما تتحول التعاليم المسيحية إلى أفعال، فإنها تؤكد على العطاء وضبط النفس وطاعة وصايا الله والحب والإخلاص بين الزوج والزوجة. وعندما نعيش هذه المبادئ كما يجب يصبح الزواج درعاً واقيا ضد إدمان الكحوليات، والميديا الإباحية، والمقامرة، والفكر المادي، وسلوكيات أخرى تدمر العلاقة الزوجية.
عرس قانا الجليل وتأسيس كنيسة الزواج:
أول أعجوبة قام بها السيد المسيح حسب إنجيل يوحنا كانت في عرس قانا الجليل، وهذه الأعجوبة تدخل في صميم الحياة الكنسية من حيث التوبة وسر الشكر، ومن هذه الأعجوبة يمكننا أن نشير إلى ثلاثة أمور حدثت فيها:
- في المقام الأول أن يقوموا بدعوة الرب يسوع ليحضر العرس، وهو موضوع في غاية الحكمة، فمن الضروري دعوة الرب يسوع لحياة الزوجين كل يوم، فهو القادر أن يثبتهم معا في السعادة والألم.
- عندما وجدوا أن الخمر قد نفدت قامت العذراء بتحويل هذه المشكلة إلى الرب يسوع، وهذا ما على المتزوجين القيام به, وتحويل مشاكلهم للرب يسوع.
- وأن يفعلوا كل ما يقوله لهم الرب وهذا ما فعلوه، بمعنى أن يعيشوا بحسب وصايا الله.
نجاح الزواج المسيحي مؤسس على مخافة الرب. والمطلوب من الأهل وعي عميق لذواتهم واهتداء روحي يسمح لهم بأن يختبروا حتى أعماقهم الألفة الحقيقية مع الإله الحي.
بهذه الشروط يمكن للعائلة التي سنؤسسها أن تتخذ طابعها الكنسي وأصالتها الانسانية بآن واحد، وأن يتخذ الحب فيها كل عمقه الإنساني وكل سخائه المحيي.
اترك تعليقاً