منوعات

أجراس المشرق: تقرع ثانية من صدد: مسك ختام

ليست هذه المرة الاولى يدق الإعلامي اللبناني – الباحث غسان الشامي ، أجراس التاريخ ويطرق أبوابه من ربوع البادية السورية، ومن صدد التى توسدت كتفها قبل 4000 سنة وما يزيد، فسطرت في كتاب التاريخ السوري صفحات وحكايات من صمود وانتصار …تواصلت حتى راهن العصر ومطالع العشرية الثانية من الألفية الراهنة….

في أيلول عام 2017 قصدها مواسياً بمحنة أليمة، ومهنئا بتحريرها من الإرهابيين، فأضاء على معاناة، وعلى مستقبل… ومن أسف أني كنت في البلدة ولا علم لي !!!!؟؟؟؟

أما أن يقصدها مع مطلع العام وفي عز بردها القارس، برفقة قداسة البطريرك أفرام الثاني الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية في العالم، ليختتم من صدد عشر سنوات من برنامجه التلفزيوني الاستقصائي بحثا في صفحات الحضارات المشرقية…. فهي لفتة تستحق التقدير، وأن يتجشم وقداسة البطريرك، عناء السفر إلى ربوع البادية، ليغوصا في أعماق التاريخ، ويستشرفا معالم حياة وأمل، فذلك يستوجب شكرا موصولا لفريق العمل تصويرا وإخراجا – وحبذا لو أشير في كادر الصورة ، إلى مكان التسجيل وهو كنيسة الخضر المبنية قبل نحو 270 عاماً – ، وأما عربون الشكر وسبيله، فبرسم الجهات المعنية والأهلية، وأبرشية حمص، وجمعية صدد الآرامية في أوروبا…

مدفوعا بحدس وحس تاريخي – وطني ، وبشغف وزاد بحثي ومعرفي معمق، عاد ببرنامجه “أجراس المشرق” إلى صدد، جاءها مزنرا بعشقه لعبق التاريخ يفوح من وهادها، فآثرَ أن تكون صدد مسك الختام، لفتة ستظل محفورة في الوجدان وذاكرة الأجيال بما كرست من عراقتها، وبما أضاءت من جنباتها.. وهو اللبناني: غسان الشامي؛ صددي و شآمي الهوى، وله من اسمه نصيب….!!!

على نحو لافت تبدّى عشقه بعفوية مقدمته الارتجالية حين قال: “أن تأتي إلى صدد أمّ السريان برفقة الرئيس الأعلى للسريان في العالم قداسة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، أمرٌ يحمل معنى التجذّر والانتماء والبقاء. صدد التي تألّمت وعانت من مجزرة الحرب على سوريا ونهضت وأقلعت مثلما فعلت عبر التاريخ، صدد الحضارة درعها وسيفها على مرمى شهقةٍ من البادية، صدد التي ردعت نموذج التصحّر عبر التاريخ، صدد التي انحدرت منها هجراتٌ وتوالدت منها بلداتٌ وقدّمت للبنان ثلاثة من رؤساء جمهوريّتها: أيوب ثابت، بترو طراد، كميل شمعون، وحملها أهلها كتاباً ودنّاً وحبّاً وحنيناً في أصقاع الأرض، صدد الغناء والخمر والشجو والتاريخ وعناد الجذور والبخور…”

قلت عبق التاريخ ،نعم ، وقد تضوع من ثنايا الوقائع والأفكار وهي تنساب بترابط جرسي الوقع والإيقاع بما هو غني عن دلالات بما أوجزه قداسة البطريرك أفرام الثاني بقوله بداية :

صدد اليوم هي تجسيدٌ للوجود المسيحي في كل المشرق، صدد البلدة القديمة…. والتي سكنها الآراميون وبعض القبائل العربية، وظلّ فيها السريان حتى اليوم، تمثّل هذا التجذّر المسيحي الأصيل في المنطقة، صدد بما مرّ عليها من أحداثٍ مؤلمة أثناء الحرب الكونية على سوريا وتقديم الشهداء، أيضاً أخذت تجسّد وتمثّل الصمود المسيحي والتضحية المسيحية الكبيرة التي يقدّمها المسيحيون في هذا البلد، من أجل البقاء والحفاظ على هويّتهم الدينية والوطنية، من أجل الحفاظ على وطنهم سوريا…..، وهي أيضاً بارقة أملٍ لمستقبل….”

ومن دواعي السرور أن تنويه الحوار بأهمية الدور التنويري لصدد في المنطقة، وصدها “التصحر الفكري أيضا…” كتعبير بليغ وبالغ الدلالة، اعتمدته في وثائقي “حكاية صدد ..حكاية وطن” -إنتاج القناة السورية عام 2019 – ؛ تنوير أشع محمولا على تعايش تاريخي-حياتي ، تناغم على وقع أجراسها ومآذن الجوار….

ومن محاسن الصدف أن الحوار ومضمونه، عقب شهرين ونيف من بث مباشر لبرنامج “الشمس السورية” من رحاب الكنيسة ذاتها، حيث أضاء على ماضي صدد وحاضرها ، ما يدعم فكرة الدكتور روضان عبداللطيف التي دخلت حيز العمل، على أمل أن تبلغ الهدف، بإدراج البلدة على الخارطة السياحة الدينية والأثرية، وهي فكرة أعقبت فكرة التمني بإدراجها ضمن الزيارة البابوية المأمولة لسورية .

سعدالله بركات

تعليق واحد

اترك تعليقاً